مولانا والطريق إلي الله!
رغم أنه سبحانه وتعالي نبه عباده وأبلغهم في سورة البقرة بقربه منهم فيقول:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" ثم يشجعهم علي اللجوء إليه في كل الأحوال، فيقول رب العزة في سورة الأعراف "وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ" ويقول في سورة سبأ وربما لتكرار فهمنا معناه في زماننا اليوم: "إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ".
ورغم أنه وصف قربه من عباده والإنسان عامة بقوله الحكيم في سورة ق "وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"، ولا نجد أقرب من الجسد والقلب والعقل من حبل الوريد.. بل هو جزء من التركيب الفسيولوجي للإنسان وفي صميم تكوينه.. ومع ذلك ورغم عشرات الآيات علي هذا النحو تدعو وتذكر بقرب الله للإنسان عموما حتي دون تحديد ديانته أو معتقده ، لأنه سبحانه رب الجميع..
وفي آيات عديدة دعمتها أحاديث قدسية ونبوية شريفة تشجع علي لجوء العبد لربه، بما فيها حتي الذنوب التي سيمحيها الله عن عباده طالما يستغفرون.. ورغم ذلك.. ومع ذلك.. نجد من يعتقد أن لهذا الإله الكريم العظيم الحكيم نهجا أو مسلكا أو وساطة أو طرقا أو طريقة أو شيخا أو أي مولانا في الدنيا يمكن الوصول إليه من خلالها أو تقديم الأمنيات عن طريقها أو من إحداها!
أين كانت آيات كتاب الله العزيز وهم يتصورون ذلك؟ أين كانت عقولهم وثقافتهم ووعيهم وهم يتخيلون خلاف ذلك؟! بل أين كانوا هم أنفسهم كلهم شكلا وقلبا.. رسما ومضمونا؟! وبعيدا عن أي فلسفة تشرح وتوضح وتتهم كلامنا بتبسيط الأمور، وأن القصة ليست وساطة وإنما هي.. ثم ننزلق إلي جدل عقيم تنسفه أيضا الآيات السابقة..
وهي أمثلة من عشرات غيرها كلها تقول لك.. إن ربنا معنا في أي وقت وكل وقت. أي مكان وكل مكان.. أي زمان وكل زمان.. في أي حال وكل حال.. نعبده أو نكفر به.. نطيعه أو نعصيه.. سيستمع إلينا وهو مستمع إلينا وسيرانا وهو يرانا أصلا؟!
ولكن سبحان الله.. القرآن الكريم نفسه يصف الأمر علي لسان رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ويتنبأ بما جري ويجري فيقول في سورة الفرقان: "وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا" ولا حول ولا قوة إلا بالله !