رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد قاعود!

ذات وجع.. وما أكثر أوجاعه.. زرته حيث يرقد.. حاول الشكوى لي عبر الهاتف وإعفائي من الزيارة إشفاقا بي.. لكنني ذهبت.. من بعيد داعبته علي طريقة "مرحا هاشم" التعبير الشهير من فيلم فجر الإسلام، واحتضنت الجسد النحيل للإنسان الرقيق الذي لم يكن في حاجة إلي ألم، ولا وخزات إبر وأماكن في الذراعين للمحاليل ولا صبغات للأشعة.. 

 

وشاغلته بعيدا عن حالته، وقلت ما يفيد أين هي الصحة المعتلة، وأنت كالحصان ما شاء الله! التقط بذكائه حيلتي وأدرك الهدف من المزاح.. حمد الله كثيرا علي ما يعاني وطالبني بالدعاء.. وقد كان!


قبل أشهر أصابته موجة أخري من التدهور الدوري في صحته.. اتصلت هاتفيا وكل مرة  كانت السيدة الفاضلة زوجته هي التي ترد.. تشكرني وتنقل شكره.. وكل مرة كنت أتصل كان الأمل الدائم أن يرد هو.. لا لشيء إلا لأن الرد دليل عملي علي تحسنه..

وعندما أجد زوجته التي ترد يكون الأمل أقل في أن يطلب منها الهاتف ليستكمل المكالمة أو حتي لينهيها.. ثم بات الأمل أقل وأقل في أن نسمع صوته من بعيد لأي سبب.. لكن لم يحدث طوال عدة اتصالات!


وفجأة.. نعرف بانتهاء الرحلة.. الصدمة قاسية ومؤلمة.. فاجعة بكل المعاني.. توقف القلب الطيب.. وانتقل الراقي الرقيق إلي الرفيق الأعلى.. انتهت رحلة الإبداع والأوجاع والتحاليل والمحاليل، والمعارك ودعم الوطن.. تتوقفت الريشة والأقلام والألوان.. 

 

رحل أحمد قاعود الذي سار عكس نزوات ونزعات رسامي الكاريكاتير، ممن يفضلون التصفيق والتهليل بالرسم الحاد الذي يجلب الإعجاب في مواجهة السلطة. أي سلطة والسلام.. لكنه اختار أن يكون مع شعبه وبلده يرسم ويلون المؤامرات والمواجهات معها،عبر أفكار بسيطة سهلة تلخص صفحات وصفحات وبرامج وبرامج. وكتب وكتب.. ووثائق ومستندات وتسريبات وأحداث هنا وهناك!

 


إلي رحمة الله وغفرانه.. ومع الصديقين والطيبين.. يا طيب.. وخالص العزاء للزوجة الطيبة المحترمة والأسرة والعائلة والمحبين في كل مكان. وما أكثرهم!

الجريدة الرسمية