رئيس التحرير
عصام كامل

بدعة المولد النبوي الشريف!

كان يوم الشيخ سرحان يسير كما الساعة، كان مسرورا للغاية بعد عودته من الحج ظهر يوم الخميس.. يحكي لكل من يقابله -أهل وأصدقاء وجيران- عن التطبيق الجديد الذي تنظم به المملكة العربية السعودية حركة حجاج بيت الله الحرام، حتي إن ما كان يجري من أخطاء هي من فعل المخطئ نفسه.. وأن التطبيق يشبه ملصق السيارات في مصر الذي تضعه إدارات المرور، يعرف أين يوجد كل حاج! 

 

ويحكي مبتهجا عن الخدمات المقدمة للحجيج من قطار بين مشاعر الحج، ورزاز المياه المثلجة، وتكييف هواء المسجد الحرام، والرخام الذي حول أرض الحرم إلي ما يستحقه بيت الله الحرام، وعن كاسحات الأتربة والمخلفات، وعن المآذن المرتفعة، وعن ماء زمزم الذي تعبئه السلطات السعودية في زجاجات ليحملها زوار البيت إلي أهلهم في كل مكان بالعالم.. حتي هو نفسه حمل لأهله ولأصدقائه منها، ثم يدعي لكل واحد بأن يجعل الله الحج من نصيبه العام القادم!


بعد يوم طويل من الكلام حمد الله فيه كثيرا عن فضل الله وكرمه في زيارة بيته الحرام.. الأمنية التي حلم بها طويلا.. ولكنه يستعجل العودة لمهامه في الدعوة.. سيستيقظ مبكرا ليصلي الفجر في الزاوية التي بجانب البيت.. سيستغني اليوم عن إذاعة القرآن الكريم من الاذاعة المصرية فقد بات يشرك معها قنوات فضائية للقرآن فقط..

 

لكنه لن يستخدم حتي هذه القنوات لتبريك البيت بآيات الله الحكيم.. لكنه هذه المرة سيستخدم فلاشة صغيرة جدا سيضعها في جهاز صغير مسجل القرآن عليه كاملا لكنه يشمل القرآن وتفسيره، وهو يحتاج لأن يكون يقظا.. لكنه سيستمع من الفلاشة حتي الصباح إلي صوت القارئ السعودي الشيخ ابو بكر الشاطري الذي سيتلو حتي ينبهه الجهاز بقرب آذان الفجر ثم يؤذن في توقيت الصلاة حسب  توقيت البلد الذي يعمل به!


يستيقظ الشيخ سرحان في التوقيت الصحيح ويتوضأ ويتعطر ويتزين ويذهب ليصلي الفجر، ويستأذن ليؤذن للصلاة، ويتأكد من قوة مكبرات الصوت وتأثيرها في المكان، وما حول المكان وما حول حول المكان.. وبعد الصلاة يستأذن بسرعة، لأن زوجته وأولاده ينتظرونه لتناول الإفطار معه.. ثم وعدهم باللقاء في صلاة ظهر الجمعة..

أي بعد عدة ساعات سيأخذ فيهم قسطا آخر من الراحة.. لكن لم  يفته أن يهدي بعضهم هدايا الحج.. مسابح وسجاد صلاة.. كلها من النوع الفاخر.. يؤكدون عليه أنه خطيب صلاة الجمعة.. شكرهم وانصرف!


وفي خطبة الجمعة يتناول الشيخ سرحان فضائل الحج.. وأثره الروحي علي كل من يؤدي الفريضة.. وكيف هي المشاعر في الأماكن المقدسة حول وعند بيت الله الحرام وما حوله.. وكيف يسر التقدم زيارة البيت بما ينفي أي حجة تتعلق بمشقة السفر..


تمر الأيام ويقترب المولد النبوي الشريف.. ويصادف أن يختر خطيبا لصلاة الجمعة.. وتكون الخطبة عن بدع آخر الزمان ومنها الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وكيف أنها بدعة ليست من الدين في شئ.. ولم تكن علي عهد رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام ولا علي عهد الخلفاء الراشدين من بعده ولا علي عهد التابعين ولا تابعي التابعين! وأن علينا أن نعمل عقولنا ونفكر قبل أن نمارس ما ليس في الدين في شيء وهو عنه غريب!

 


تنتهي الصلاة.. يفتح الشيخ سرحان هاتفه المحمول بعد إغلاقه للصلاة.. ينصح بإطفاء المراوح وتخفيف الإضاءه ويوجه بتشغيل مكبر الصوت قبل كل صلاة، ثم يحكي عن جهازه الصغير الذي يؤذن تلقائيًا دون برمجة في البلد الذي يحمل اليه! ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الجريدة الرسمية