بين الإيمان والكفر كلمة
قد يستهين البعض بالكلمة وهي أخطر شيء على الإنسان، لذا حظر الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وعلى آله بقوله "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب".. وقال "إن العبد ليتكلم بكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات.. وإن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم". وفي رواية أخري "يهوي بها في النار سبعين خريفا"..
وعن سيدنا معاذ رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. قال: يارسول الله أنحن مؤاخذون على حصائد ألستنا؟. قال "ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم. وفي رواية على 'مناخيرهم' في النار إلا حصائد ألسنتهم".
ولخطورة الكلمة جعل الله تعالى للسان الناطق بها بوابتين “الفكين والشفتين” حتى يتحكم الإنسان في كلمته. هذا وبين الإيمان والكفر والسعادة والشقاء كلمة وهي كلمة التوحيد "لا إله إلا الله". وبين العمار والخراب كلمة وهي الحرب. وبين الروح وسموها والنفس ودونيتها كلمة وهي العقل.. فهو الميزان لنور الروح وشهوات النفس.
وبين الاستقامة والميل كلمة الهوى، فهو الذي يميل بصاحبه إما إلى الهدى وإما إلى الضلال.. وهناك بين الكلمة والكلمة شعرة دقيقة قد تقلب الموازين من الإيمان إلى الكفر، مثلا: رسول الله عليه الصلاة والسلام في الأصل له صورة نورانية وليس له مثيل من بين خلق الله، فهو أكمل وأجل المخلوقات وأشرفها وأكرمها وأحبها إلى الله عز وجل، والله تعالى قد شهد في قرآنه بذلك في آيات كثيرة، منها قوله تعالى "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ". وقوله سبحانه "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ".
ثم إنه تعالى خصه بصلواته الدائمة عليه وأمر المؤمنين بذلك حيث يقول سبحانه "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".. والله تعالى أشار إليه أنه نور حيث قال عز وجل "قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ".. وقال تبارك في علاه "وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا"..
ولكنه عليه الصلاة والسلام مخلوق لله تعالى وهو عبد لله تعالى.. بل كل ما في الكون عبيد لله تعالى وصنعته عز وجل.. وهذه هي الحقيقة فبين نورانيته وبشريته عليه الصلاة والسلام شعرة فمن سقطت منه هذه الشعرة خرج من دائرة الإيمان والتوحيد إلى دائرة الشرك والضلال، دون أن يدرى.. وربما من قال بها كان قوله شطحة من الشطحات، ولكنها غير مقبولة.. أو زلة لسان والواجب على قائلها أن يستتاب.. "رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا".