ملحمة خالد العجيبة
خالد رجل عادي جدًا، لكنه كان يعتبر نفسه بطلًا خارقًا لقدرته على صنع الفوضى في حياته اليومية. فكرة أن يكون بطلًا خارقًا كانت مثيرة جدًا، لكن قوته العظمى كانت غريبة بعض الشيء: القدرة على طرد الناس من حياته بقوة الإرادة. كلما شعر بالضيق أو الإحباط، كان يتمنى لو يختفي ذلك الشخص من الوجود، وكأن لديه ريموت كنترول خاص بأرواح الناس.
في البداية، كان الأمر ممتعًا. تخيل أن تكون لديك القدرة على جعل زميل العمل المزعج يختفي فجأة، أو أن تجعل الحبيبة السابقة تنسى طريق بيته. لكن مع الوقت، بدأ خالد يشعر بالملل. العالم أصبح مكانًا فارغًا، مليئًا بالأثاث والأشياء، لكن خاليًا من أي تفاعل بشري.
ذات يوم، قرر خالد تنظيم حفلة عيد ميلاده. أرسل الدعوات، وزين المنزل، وحتى أعد كعكة ضخمة. تخيل نفسه وهو يحتفل مع أصدقائه وعائلته، لكن عندما حان وقت الحفلة، وجد نفسه وحيدًا تمامًا. حتى الكعكة بدأت تذبل كزهرة منطفئة وحيدة على الطاولة.
في تلك اللحظة، شعر خالد باليأس. أدرك أن قوته العظمى كانت في الحقيقة لعنة. لقد أصبح وحيدًا في عالم فارغ، محاطًا بأشياء لا قيمة لها. حاول أن يستعيد أي شخص من الذين أزالهم، لكنه فشل. كان الأمر أشبه بمحاولة استدعاء شبح، فالأشباح لا تستجيب للأوامر.
قرر أن يستغل وقته في استكشاف العالم الجديد. تجول في الشوارع الخالية، ودخل المتاجر الفارغة، وحتى زار الأماكن التاريخية. كان يشعر وكأنه مستكشف في عالم جديد، لكنه كان مستكشفًا وحيدًا.
في أحد المتاجر، وجد كتابًا عن السحر والشعوذة. قرأ الكتاب باهتمام، وتعلم بعض الطلاسم والتعاويذ. حاول استخدامها لإعادة الناس، لكن دون جدوى. شعر بالإحباط مرة أخرى، لكنه لم يستسلم.
مر الوقت، وبدأ خالد يتأقلم مع حياته الجديدة. تعلم الطهي، والعزف على البيانو، والقراءة. حتى أنه بدأ يكتب رواية عن مغامراته. لكن رغم كل هذه الانشغالات، كان يشعر بالوحدة دائمًا.
في أحد الأيام، وهو يتجول في حديقة مهجورة، وجد قطة صغيرة تجلس تحت شجرة. كانت القطة خائفة وجائعة. حمل خالد القطة ورعاها. سمّاها "نونا"، وأصبحت صديقته الوحيدة.
كانت نونا ترافقه في كل مكان، وكانت تستمع إليه وهو يحكي لها عن مغامراته. شعر خالد بسعادة لم يشعر بها منذ زمن طويل. كان لديه أخيرًا كائن حي يحبه ويعتني به.
مع مرور الأيام، بدأ خالد يفهم أن الوحدة ليست نهاية العالم. يمكن للإنسان أن يعيش حياة سعيدة حتى لو كان وحيدًا. كل ما يحتاج إليه هو أن يجد شيئًا يحبه.
وفي ليلة صافية، جلس خالد ونونا على سطح منزله. نظر إلى النجوم، وتذكر كل ما مر به. شعر بالسلام والرضا. كان قد تعلم درسًا قاسيًا، لكنه خرج منه أقوى وأكثر حكمة.