رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس الذي يعرف كل شيء!

اتفق كثير من المحللين على أن كامالا هاريس كسبت مناظرتها مع دونالد ترامب.. لكنهم اختلفوا في تعداد أسباب ذلك.. فمنهم من رأى أن السبب يكمن في الاستراتيجية التي انتهجتها في هذه المناظرة، وتتمثل في المبادرة بالهجوم على منافسها مما جعله حبيس دائرة الدفاع عن النفس، وأربكه وأفقده التركيز.. 

 

ومنهم من رأى السبب يكمن في فارق السن بينهما وهو الذي منح هاريس أفضلية في التركيز خلال المناظرة وجعلها حاضرة دوما.. ومنهم أيضا من رأى السبب يكمن في خبرات هاريس المتراكمة خلال عملها مدعيةً عامةً، خاصة وأنها تعاملت مع منافسها كمتهم في قضايا سياسية وأخلاقية، بل ومدان أيضا!

 
وكل ذلك صحيح وكان له دوره في رجوح كفة هاريس على منافسها في المناطرةَ.. لكن يسبق ذلك كله أمر أهم ويتمثل في أن هاريس ذاكرت واستعدت وأعدت نفسها لهذه المناظرة، وظلت على مدى أسبوع كامل تذاكر وتتمرن على مجريات المناظرة التى توقعها مساعدوها ومن شاركوا في تدريبها، لدرجة أنهم جهزوا لها محاكاة عملية للمناظرة، بينما رفض ترامب الاستعداد للمناظرة اعتمادا على قناعته بقدراته الشخصية لهزيمة هاريس والتصور أنها ستكون ضعيفة أمامه!

 
والملفت هنا أن نائب الرئيس الأمريكي لم تتكبر على الاستعداد والإعداد والتجهيز للمناظرة، وعمليا لنحو أسبوع كامل.. لم تقل بما أننى أحتل ثاني أعلى منصب في أمريكا الآن فأنا أفهم أكثر من غيري، ومن كل المساعدين والمستشارين، وأعرف أكثر منهم ولست بحاجة لهم، وإنما سمحت لهم بتدريبها وإعدادها لهذه المناظرة فنجحت.

 
أما الرئيس السابق ترامب فقد رأى العكس تماما.. رفض الاستعداد والإعداد والتدريب، وقال إننى أعرف كل شيء، وأفهم  في كل شيء، وسوف أهزم هاريس بالضربة القاضية.. وقد ظهر ذلك في أمور أخرى غير المناظرة، مثل قول ترامب أنه يحتاج ليوم واحد لإنهاء حرب أوكرانيا! 

 

 

لم يفهم ترامب أن الرئيس أو القائد الناجح هو الذى يحسّن الإصغاء لمساعديه ومستشاريه، وأن يستعد بالدراسة والبحث لمواجهة التحديات، وأن عصر الزعيم أو القائد الذى يفهم كل شيء قد ولى.

الجريدة الرسمية