رئيس التحرير
عصام كامل

الإبداع المدمر لهوية مصر

في أسبوع واحد استمعنا لسيدتين الأولى تجهر بالمعصية والأخرى تفتي بغير علم، وكلتاهما ذنب عظيم، خاصة أنهما ممن يساهم في صناعة الوعي، والمصيبة أن كلتاهما تتحمل وزر من عمل بما قلن، وبغض النظر عن اتهامات المؤامرة علي الدين والهوية فالأمر المؤكد أن كلتيهما لا يقصد ذلك، ولكنها موجة من الفهم الخاطئ لما يسمى بالتجديد، والفهم المشوه عن الدين.. 

 

لدرجة أن غلاة العلمانيين راحوا يصورون أي متدين أو ملتزم بأنه إخواني لترهيب الناس من الدين، بل راح البعض يعلن براءته من المظاهر الإسلامية، والمثير أننا لم نسمع لهؤلاء صوتا فيما يفعله الصهاينة من قتل وإبادة تحت شعار الدين اليهودي، أو إختراع ديانة تلفيقية اسمها الديانة الإبراهيمية..


والحكاية أن الأولى انزعجت بأثر رجعي عندما أوقف المخرج العمل للصلاة، وهي لا تعلم أن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، وأن تأخير الصلاة عن وقتها يعد من كبائر الذنوب، قال الله تعالى:{فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}، وأيضا قوله تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) وإضاعتها: تعني تأخيرها عن وقتها. 

 

وعلى المسلم أن يكون كمن قال الله تعالى فيهم: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ). 

 

بل إن هناك أمرا بالصلاة في وقتها لقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ*فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).


أما الأخري التي تفاخرت بالمساكنةً فربما لا تعلم إنها نوع من تجارة الرقيق الأبيض، وقد سمّاها بعض علماء الدين بـ "زواج الطيور"، حيث يقضي كل طرف غريزته ثم ينصرف إلى حال سبيله من دون أي مسؤولية تجاه الطرف الآخر، أو حتى عن ثمرة هذه العلاقة إذا تم الإنجاب.

 

وهي عرض للمحظور في صورة المقبول واختزال لعلاقة الزواج الراقية بين الرجل والمرأة في متعة زائفة، وكما نعلم أن الزواج آية من آيات الله، والزواج ليس كما يظن البعض أنه وسيلة للمتعة وفقط، وإنما شُرع لهدف أسمى وأعظم ألا وهو الحفاظ على ذرية آدم وتناسلها لتحقق مراد الله منها في عبادته وعمارة هذا الكون.. 

وذلك عبر وسيلة مشروعة تحفظ لها كرامتها، وتحول دون اختلاط الأنساب، وهتك الأعراض، إضافة إلي ستر كلا الزوجين للآخر وإمتاعه وقضاء شهوته في إطار الحلال وبعد تحقق شروطه واكتمال أركانه.. 

 

 

وجعل الله تعالى المودة والرحمة أساسا للتعامل بين الزوجين ليواجها معا متاعب الحياة، ويتغلبا على تحدياتها.. وأخيرا فإن إثم الجهر بالمعصية ذنب عظيم ثم ان تلك العلاقة شديدة الخصوصية بين طرفين، فلماذا الجهر بها بعد سنوات من وقوعها علما بأنها تعلم أن المجتمع يرفض هذا المسمي، ويتهم مرتكبيه باتهامات كثيرة، فكيف نأتمن مثل هؤلاء بتمرير تلك الهرطقات لمنازلنا تحت شعار  الفن والإبداع.

الجريدة الرسمية