يوم الحسم.. اليوم
طيلة الساعات الماضية إلى ما قبل اجتماع القاهرة الحاسم اليوم لبحث عقد صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل، تقلبت التصريحات الامريكية ما بين وزير الخارجية الأمريكي نفسه أنتوني بلينكن، والبيت الأبيض الذي أرسله لإقناع نتنياهو بقبول المقترح الأمريكي لسد الفجوات بين الجانبين، وحل نقطة الخلاف الأساسية بين مصر وإسرائيل في محور فلادلفيا.. فهل نجح وزير الخارجية الأمريكي في جولته التاسعة إلى المنطقة؟
لم ينجح! لقد اقنعه نتنياهو بموقفه! وحتى الاتصال الذي أجراه أمس الرئيس الأمريكي جو بايدن وشاركت فيه كامالا هاريس نائبته ومرشحة الحزب الديمقراطي لخوض السباق الرئاسي في مواجهة ترامب.. لم ينجح في تغيير موقف نتنياهو الثابت علي اللاءات المستمرة: لا انسحاب من محور فيلادلفيا، لا انسحاب من غزة، لا إنهاء للحرب.
والغريب أن الخارجية الأمريكية وافقت على إحتلال ليس طويل الأمد! يتلاعبون بنا، وبالمنطقة، ويستخدمون القوة لفرض الأمر الواقع، وصار موقف الوسيطين المصرى والقطري حرجا ومربكا! فيم إذن تلتقي وفود التفاوض اليوم بالقاهرة، إذا كان وزير الخارجية الأمريكي نفسه اقتنع بضرورة بقاء القوات الاسرائيلية في محور فيلادلفيا، رغم الرفض المصرى، ورغم تصريحاته قبلها في القاهرة بعد لقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي.
الوفد الأمنى الإسرائيلي نفسه أصابه الذهول من تصريحات نتنياهو التى تعرقل إتمام الإتفاق اليوم الخميس.. حسنا سيمر اليوم كما مرت الشهور العشرة الأخيرة، قتلا وكذبا ونفاقا وتدميرا واستفزازا لمصر ولكل القوى بالمنطقة..
وفي التحليل النهائي فإن التلويح المستمر بقرب التوصل إلى إتفاق ثم إفشال الإتفاق بتصريح من مكتب نتنياهو، هو بالقطع وجه من وجوه خطة مدروسة للاستمرار في تحييد القوة الايرانية أو تعطيلها علي الاقل، أو تفريغها من شحنة الاندفاع نحو رد الإهانة الاسرائيلية بقتل زعيم حماس إسماعيل هنية في بيت الضيافة بقلب طهران.
أما نحن في مصر فلنا الله مع هذا المراوغ الذي بات أقوى مكانة في الشارع الإسرائيلي، فقد نجح في إضعاف موقف بايدن، وحصل على المليارات والأسلحة ولم يقدم للعجوز المتداعي تنازلا واحدا..
لمصر خبرة تفاوض عريقة مع هذا العدو، ورحم الله الرئيس السادات فقد حزم حقائبه في اليوم الثالث عشر من مفاوضات كامب ديفيد وإعتبر أن مناحيم بيجن رئيس الوزراء الاسرائيلي المتطرف وقتها يهدر الوقت وليس جادا.
بيجن كان محترما وإلتزم بالاتفاق ووقعه مع السادات.. بعد أن رضخ للزعيم.. البطل، أما نتنياهو فيتلاعب بأمريكا وبالعرب.. ويواصل حملة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني..
يبدو بايدن متلهفا علي إتفاق يحمل إسمه.. حسنا أيها الرئيس الأمريكي العجوز، سوف تذهب إلى مقبرة التاريخ قاتلا ومتواطئا في ذبح أكثر من أربعين ألف إنسان، أطفالا ونساء وشيوخا وشبانا..
يا صبرك يا مصر على الكذاب!
المأزق الحقيقي.. ماذا ستفعل إيران؟ هل سترد لو فشل اجتماع القاهرة أم ستتعلق بإعلان المجتمعين عن جولة أخرى الشهر القادم بالدوحة أو باريس؟