رئيس التحرير
عصام كامل

الساحل الشمالي يرقص والفقراء يبكون!

لعله أصبح لزامًا علينا أن نقولها صريحة: مصر ليست فقط حفلات الساحل الشمالي التي تملأ إعلاناتها التليفزيون وتحتل لافتات الشوارع العملاقة، في الوقت الذي يعاني فيه ملايين المصريين الفقر والعوز!

 

إذ كلما شاهدت هذه الاحتفالات والمهرجانات الضخمة التي تقام في تلك المناطق، تخيلتُ أن جميع المصريين يعيشون في رفاهية، وأن الفقر لم يعد موجودًا في بلادنا، لكن الحقيقة مغايرة تمامًا!

 

ففي الوقت الذي تنفق فيه فئات معينة مبالغ طائلة لحضور حفلات فنية، هناك أسر تكافح كفاحًا مضنيًا لتوفير لقمة العيش اليومية، وشباب عاطلون عن العمل يحملون أعباء أسرهم، ومرضى يتكففون ثمن علاجهم من الغريب والقريب، فلماذا أصبحت الصورة بهذه الفجاجة، ووصلنا إلى هذا التباين الشديد في المستويات المعيشية؟!

 

فمصر ليست مجرد منتجعات سياحية فاخرة، بل هي أيضًا أحياء شعبية متواضعة مثل شبرا الخيمة والجمالية والزاوية والدويقة والخلفية والقرى الريفية، مصر هي الثقافة والحضارة والإنتاج والقيمة المضافة والوعي، لذا يجب ألا ننسى أبدًا أن هناك شريحة كبيرة من المجتمع تعاني، وأن هذا الاستعراض للثروة في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعتبر أمرًا مزعجًا ومؤلمًا ومحرضًا، أتمنى أن يعاد النظر إليه لحفظ السلام المجتمعي.

 

فليحتفل من يحتفل، وينفق من ينفق، لكن ليس أمام العدسات، وليس بكل هذه البهرجة والكثافة التي تقلَّب النفوس على بعضها وتثير الغيرة والحقد وربما تتطور إلى فعل تصادمي لا نرضاه أبدًا.

 

 

 مصر كبيرة جدًا، أكبر من أن تُختَزل في مثل هذه المهرجانات والاحتفالات في قصور الساحل، الرحمة واجبة، فلتكونوا أكثر إنسانية.

الجريدة الرسمية