رئيس التحرير
عصام كامل

درس للقراءة

في مقرر اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي كان هناك درس عن العالمة المصرية الدكتورة سميرة موسى، ذكر حياتها من الميلاد حتى الرحيل وإستغربت أن الدرس لم يشر من قريب أو بعيد أنها أغتيلت، ولم يكن موتها حادث سيارة من فوق طريق مرتفع لتلقي بها في وادٍ عميق.


العجيب أن درس القراءة هذا لم يذكر أن سائق سيارة سميرة موسى المزيف إختفى من يومها ولم يعثر له على أثر، وأنه كان يحمل اسمًا مستعارًا وأن إدارة المعامل النووية محل زيارة سميرة موسى أكدت أنها لم ترسل لها سيارة ولا سائق من الأساس.

ولم يبذل واضعوا الدرس أي مجهود كي يعلموا أبناءنا من عدوهم، وتركوا لنا نحن الآباء والأمهات مسؤولية ذلك، وقد قمنا بالواجب وزيادة، وعلمنا أولادنا أن الفاعل الحقيقي معروف للجميع وأن القضية قيدت ضد معلوم لدينا.

 لم تكن سميرة موسى الأولى ولن تكون الأخيرة في سلسلة اغتيالات لعلماء وقادة وسياسيين عرب فهناك المشد وبدير وغيرهم.. تذكرت هذا الدرس وأنا أتابع على القنوات والمواقع الإخبارية خبر إغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية يرحمه الله.

وأثناء هذه المتابعة توالت تصريحات بعض وزراء وسياسي الكيان الصهيوني العدو للشعوب العربية الحرة الرافضة لكل ألوان وأشكال التطبيع، حيث قال أحدهم في حمق واضح لا يحتاج الى أي مجهود لإكتشافه{إن موت هنيه سيجعل العالم افصل قليلًا}، لقد اغتلتم قبله قادة فلسطينيين كثر مثل الشيخ أحمد يس وقبله وبعده، بل وإغتلتم ثلاثة أبناء لهنية وبعض احفاده، ولم يصبح عالمكم أفضل، وأعتقده لن يكون أبدًا..

أنذاك قال هنية نفسه يرحمه الله {بهذه الآلام والدماء نصنع الحرية لشعبنا} وأراه محقًا، فحرية الجزائر لم تكن لتأتي الإ بدماء زكية لمليون شهيد، وقال أخر{سنهلك أعداءنا} أنتم الأعداء وستظلون كذلك لكل بيت عربي، فَقَدَ غالٍ بوحشيتكم وتتريتكم ولعبكم كذبًا لدور الضحية، وقال ثالث{إن مقتل هنية جاء ردًا على كل المجازر التي حدثت لنا}.
واستوقفني هذا الأخير عن أي مجازر تتحدث يا هذا، هل تتحدث عن مدرسة بحر البقر وقتل أطفالها الذين سالت دماؤهم الطاهرة البريئة، لتكتب روايتهم على كراساتهم وكتبهم وحقائبهم وزيهم المدرسي وتُشهد التاريخ على استهدافكم للمدنيين خاصة الأطفال منهم؟!
 أو ربما تقصد مذبحتى قانا الأولى أبريل 1996 والثانية 2006 واللتين نميز بينهما بالتاريخ فقط لا بوحشيتكم واستهدافكم الأبرياء، فلا فرق وهما في ذلك سواء، فلم ترحم آلياتكم العسكرية هؤلاء الأبرياء من شيوخ وأطفال ونساء الذين احتموا من جحيم قصفكم بأحد مراكز الأمم المتحدة لحفظ السلام؟!

أو ربما تقصد ذلك الجرح الغائر في قلب الشعوب العربية صبرا وشاتيلا؟! ربما تقصد دير يس؟! أما استهدافكم للإعلاميين والصحفيين وأُسَرِهم فحدث ولا حرج، أم تقصد.. أم تقصد.. أم تقصد وما أكثرها؟!

لقد استشهد على أيديكم وحتى مايو الماضي إلى قرابة 37 ألفًا في غزة الصامدة منذ السابع من أكتوبر الماضي ولم تقضوا عليها ولن تفعلوا رغم أجهزة استخباراتكم التابعة والمعاونة مقابل وحسبما أعلنت إحدى قنواتكم وصل عدد قتلاكم إلى 662 قتيلا حتى منتصف يونيو الماضي  يا لها من مجازر!

إن إغتيال هنية وغيره لن يكون مصدر أمانكم السياسي بل هو دليل فشلكم السياسي وارتباككم، وكما قال أحد جنرالاتكم ونشرته أهم صحفكم {إن الإغتيالات حتى ولو نجحت عسكريا فإنها دليل فشل استرتيجي، لذلك فإن الإغتيالين في بيروت وطهران يصلحان لدغدغة المشاعر لكنهما قد يأتيان بندم شديد في المستقيل}، وهو ما أعتقده قادمًا بحكم دروس كثيرة لم تقرأها جيدًا أيها العدو..  

الجريدة الرسمية