الأب باسيلي السامري الصالح
بالأمس أكملت عاما على عودتي إلى مصر، عدت بعد رحلة لم تكن بالطويلة ولم تكن بالقصيرة أيضًا، ربما ابتعدت عن وطني وأسرتي لمدة تجاوزت السبع سنوات، ولكن في كل خطواتها لم أكن بمفردي، بل كان الله معي أيضًا فيها وحفظني وحفظ روحي فيها.
وربما هدية الله لي في الغربة كانت على هيئة شخص لم يتخلى عني يومًا، بل كان يومي يتمحور حول شيئين لا ثالث لهم، في الصباح أكون في الجامعة لأدرس وأجلس مع شريف صديقي والذي مازال معي في التدريب وفي كل خطوة نستكمل بها رحلتنا في الطب.
وبعد الجامعة، الجلوس مع صديق غالي جدًا لا نشعر باختلاف اللغة ولا فرق السن ولا أي شيء بيننا، بل نشعر بالحب فقط وتتطرق جلساتنا للضحك والمرح والفرح وهو الأب باسيلي "بيير"، وأذكر اسمه قبل الرهبنة لأنه معنى إسمه بطرس، وإسم بولا الذي هو إسمي هو تصغيير لإسم بولس، وتلك النقطة كان يذكرها كثيرًا وهو مبتسمًا ليخبرني أن صداقتنا لابد أن تستمر مثل صداقة بطرس وبولس الرسل العظام.
وهو أيضًا في يوم 6 أغسطس، يحتفل بتذكار تقديم نذوره الرهبانية ليكون راهبًا، والآن هو أرشمندريت لدير الثالوث المقدس للرجال في مدينة تشيبوكساري في روسيا، وكم شهدت في قربه محبة غير محدودة وقبول من القلب لكل من حوله بطريقة جميلة وملفتة.
من خلال سنوات عشتها هناك، ومن خلال سنوات عاشرته فيها، أدركت حقيقة أن الله لا يتركك في طريقك دون رفيق أو دون أن يرسل سامري صالح يهون عليك مشقة الطريق وتعبه، فهو مثلما أرسل السامري الصالح للشخص الجريح، أرسل لي ذلك الأب الحنون لكي يكون معي في كل لحظة هناك.
فأنا أتذكر عند اقتراب حفل تخرجي كم كان مهتمًا برداء التخرج وتفاصيله، وتفاصيل ملابسي أنا الشخصية وكل تفصيلة تخصني حتى يكون مظهري في حفل التخرج جميل ورائع، وفي نظرته لي يومها شعرت وكأن والدي معي وهو الذي ينظر لي.
ربما لو بداخلي حنين كبير لأعود إلى روسيا، سيكون فقط من أجل أن أجلس معه ونعود نشرب قهوتنا سويًا، ويخبرني ككل مرة أريد أن أشرب القهوة بالطريقة المصرية، ونتناول الفلافل والحمص كعادتنا ونحن نضحك ونشعر بأننا نأكلها في مصر أو في فلسطين مثلما كان يأكلها هو هناك قبل أن يسافر لروسيا ويستقر بها.