رئيس التحرير
عصام كامل

ثورة يوليو.. ماذا فعلت بنا؟

هل ثورة الثالث والعشرين من يوليو عام ألف تسعمائة إثنين وخمسين هي سبب عدم التقدم الذي واجهنا ولازال يواجهنا، بحسب بعض المتابعين، وهل إنهاء حكم الملكية بعد أن أزاحته هذه الثورة وأحلت مكانه النظام الجمهوري هو الذي اعادنا للوراء وإقتص من حقوقنا وكرامتنا كشعب؟ وهل شكل الحياة كان سيصبح أفضل في مصر إذا لم تقم ثورة يوليو1952.. وهل ذلك الواقع الذي كنا سنعيشه لو لم تقم ثورة كان سيكون أفضل مما نعيشه الآن؟
 

الحقيقة وقبل أن أمضي باحثا ومستقصيا وراء ما أعتقده أثرا حقيقيا لثورة يوليو 1952، أود أن أشير إلي أمرين مهمين.. أولهما أني لست من دراويش ثورة يوليو والمدافعين عنها بحق وبدون، ولكن أراها حدث هام بل وبالغ الأهمية في تاريخ هذا البلد.. 

 

وكأي حدث بشري حتما له وعليه، وكشف حسابه يشمل إيجابيات ويشمل أيضا سلبيات، الأمر الآخر إني وكنت لا أملك إجابات خالصة مجردة للأسئلة التي أوردتها أنفا، وما سأورده من أسئلة إضافية خلال السطور المقبلة، إلا إني أنوه إلي أن شعورا كبيرا بالمرارة يسيطر علي مشاعري وأنا أناقش جوانب أراها سطحية حول علاقتنا كشعب بثورة، أعتبرها نقلة فاصلة بين مرحلتين أو بين زمانين أو عصرين في تاريخ هذا البلد.. 

عصر الحكم الأجنبي المتوالي علي مدي عشرات السنين وربما المئات، وعصر الحكم الوطني الذي دشنته هذه الثورة، يؤلمني أننا وبعد ما يقرب من ثلاثة أرباع قرن من الزمان، نتذكر الثورة بإهمال وعدم إكتراث وبصورة تؤكد تفشي ظاهرة التواكل والسلبية علي غالبيتنا نحن أبنا شعب مصر.. 

 

فنحن نلقي بتبعات فشلنا علي ثورة يوليو كحدث دون أن نقول أو ندرك، أننا وبلا أدني شك شركاء وكأجيال متتالية منذ قيام الثورة في عدم تقدمنا أو نجاحنا كمجتمع وفي عدم محاكاة المجتمعات التي خطت خطواتها الأولي نحو الاستقلال والتحرر من التبعية في توقيت متزامن معنا كبلد، وكتحول سياسي احدثته ثورة يوليو.. 

 

وبدلا من أن تكون حواراتنا وممارساتنا متعمقة كانت خواطر يغلب عليها التسطيح والفراغ العقلي، أنوه وأشدد أني لا أعفي الأنظمة السياسية المتعاقبة منذ قيام الثورة من المشاركة والمسئولية في عدم تجاوزنا العقبات والحوائط التي كبلتنا كمجتمع عن بلوغ مكانة تتوازي مع قدرنا ومكانتنا كأمة عريقة.
 

وأقول بوضوح وبقناعة أن الثورة، التي بدأت كما صنفها التاريخ كحركة قام بها بعض ضباط الجيش، الضباط الاحرار، هي فعل إيجابي بحد ذاته، وإذا ما أردنا أن نلطم الخدود ونحن نعدد السلبيات التي تواجهنا، أو أن نوصف حالنا الذي لا نرضي عنه، لابد أن نلوم أنفسنا، حكاما ومحكومين..  

 

وللحقيقة وللتاريخ فقد أقر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بالفشل كقائد تنظيم سياسي وزعيم ورئيس جمهورية، وسجلت محاضر اجتماعات اللجنة المركزية للإتحاد الاشتراكي، التنظيم السياسي الذي كان قائما في تلك الفترة، وعدد عبد الناصر في أعقاب هزيمة يونيو 67، أوجه القصور والتقصير السياسي والتنفيذي الذي حل بنا وأدي إلي ما وصلنا إليه.


القصد من الإشارة إلي موقف عبد الناصر تحديدا عقب الهزيمة، هو التأكيد علي إننا كشعب ورغم مشاركتنا مع الجيش في صنع نصر أكتوبر 1973، إلا أننا كشعب وحكاما متتابعين أيضا، أضعنا مئات الفرص بل الآف كي نتجاوز الهزيمة والتراجع.


يا سادة يا كرام.. ثورة يوليو ودون التعمق في وصفها وما أحدثته في واقع ومستقبل هذا البلد، أمر يجب أن يكون مقدرا ومصانا، ويجب كذلك أن يكون محل إعتزاز وفخر، وإذا أردنا أن نلوم أحدا فلا نلوم إلا أنفسنا.


يا سادة يا كرام.. يجب علينا أن نتوقف تماما عن السخرية أو الإساءة لثورة يوليو، ولا حتي بالسخرية والهزل، فليس من المستساغ أبدا أن يصنف الكثيرون منا هذه الثورة تصنيفا سلبيا، ولا يعتبرونها نقطة فاصلة في التاريخ المصري المعاصر، وضعت حدا فاصلا بين حقبة سياسية وربما حقب إيجابية في غاليتها، وبين حقب أو مرحلة سياسية سيئة؟

 


لا يجب أن نقابل ذكري ثورة يوليو سنويا بكل هذا التهجم والتطاول والسخرية التي يطلقها الكثيرون منا عند حلول ذكري هذه الثورة.. وأكرر إننا لا يجب أن يعتبر الثورة هي العقبة التي منعت الكثيرين منا من بلوغ الحياة التي كانوا يخططون لها؟! وفي المجمل لابد أن نكون منصفين حيال ثورة يوليوسنة 1952. 

الجريدة الرسمية