معين نظيره
ويفيد بايه؟
في عالمنا المتسارع والمعقد، يُعَدُّ الارتباط بين البشر من أبرز الأمور التي تضفي على حياتنا معنىً وغاية.. من منظور مسيحي، فإن الارتباط ليس مجرد علاقة اجتماعية، بل هو رابطة روحية تعزز من قيمة الإنسان وتقربه من الله.
الدعم والإسناد
الآخر في حياتنا يكون بمثابة السند والداعم في الأوقات الصعبة والمحن. الكتاب المقدس يُبرز أهمية وجود شخص آخر يشاركنا الحياة ويساندنا في الظروف الصعبة. في سفر الجامعة 4: 9-10، نجد: "اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ، لأَنَّ لَهُمَا أُجْرَةً لِتَعَبِهِمَا صَالِحَةً. أَنَّهُ إِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا يُقِيمُهُ رَفِيقُهُ. وَوَيْلٌ لِمَنْ هُوَ وَحْدَهُ إِنْ وَقَعَ، إِذْ لَيْسَ ثَانٍ لِيُقِيمَهُ."
في هذه الآيات من سفر الجامعة، نرى كيف يُظهر الكتاب المقدس ضرورة وجود الشريك أو الصديق في حياتنا، فحينما نمر بتجارب وصعوبات، يكون الشخص الآخر هو الذي يساعدنا على النهوض من جديد. هذا الدعم المتبادل يجعلنا نشعر بالأمان والثقة، ويدفعنا للاستمرار والمثابرة.
الحكمة والنصيحة
الآخر يضيف لنا بعدًا جديدًا من الحكمة والنصيحة التي نحتاجها في حياتنا اليومية. الكتاب المقدس يُبرز دور الآخر في تطويرنا وتحسين فهمنا للأمور. في أمثال 27: 17: "الْحَدِيدُ بِالْحَدِيدِ يُحَدَّدُ، وَالْإِنْسَانُ يُحَدِّدُ وَجْهَ صَاحِبِهِ."
توضح هذه الآية كيف يمكن للتفاعل بين الأشخاص أن يعزز من قدراتنا ويصقل شخصياتنا. فالنصيحة الصادقة من صديق مخلص أو شريك حياة قد تُحدث فرقًا كبيرًا في قراراتنا وتوجهاتنا، وتساعدنا على رؤية الأمور من منظور مختلف، مما يُضفي عمقًا على حياتنا.
المحبة غير المشروطة
المحبة غير المشروطة هي إحدى أعظم الهدايا التي يمكن أن يقدمها الآخر لنا. هذه المحبة تُجسد جوهر الإيمان المسيحي وتعبر عن العلاقة التي يريدنا الله أن نبنيها مع بعضنا البعض. في يوحنا 15: 12، نجد وصية هامة من السيد المسيح له كل المجد لنا إذ قال: "هَذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ."
هذه الوصية تذكرنا بأن المحبة الحقيقية تتجاوز الحدود والظروف، فهي محبة دائمة وغير مشروطة. عندما نختبر هذه المحبة، نجد أنفسنا نتغير للأفضل، نصبح أكثر تسامحًا وصبرًا، ونتعلم كيف نحب الآخرين بنفس الطريقة التي أحبنا بها المسيح.
النمو الروحي
الآخر يساهم بشكل كبير في نموّنا الروحي، من خلال التشجيع والمشاركة في الإيمان. بولس الرسول يشجعنا في 1 تسالونيكي 5:11: "لِذَلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَابْنُوا أَحَدُكُمْ الآخَرَ، كَمَا تَفْعَلُونَ أَيْضًا."
هذه الدعوة للتشجيع والبناء المتبادل تُظهر كيف أن الارتباط بالآخر يمكن أن يعزز من علاقتنا بالله، ويُعيننا على النمو في الإيمان. من خلال الحوار الروحي والمشاركة في الصلاة والعبادة، نكتسب رؤية أعمق لحياتنا الروحية، ونتعلم كيف نسير على درب الله بشكل أفضل.
السلام الداخلي
وجود الآخر في حياتنا يعزز من شعورنا بالسلام الداخلي. السلام ليس مجرد غياب الاضطراب، بل هو حالة من الطمأنينة والراحة النفسية التي نجدها في العلاقات الصحية والمبنية على الإيمان. في متى 18: 20، يقول السيد المسيح: "لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ".
وجود الله في وسط علاقاتنا يجعلها أكثر قوة وثباتًا، هذا الحضور الإلهي يضفي على العلاقة نوعًا من القداسة والسلام، حيث نشعر بأننا لسنا وحدنا في مواجهة تحديات الحياة، بل لدينا سند إلهي يقودنا ويحمينا.
من خلال هذه المحاور الخمسة، نرى بوضوح كيف أن الارتباط بالآخر وفقًا للرؤية المسيحية يضيف لنا العديد من القيم الإيجابية. الدعم والإسناد، الحكمة والنصيحة، المحبة غير المشروطة، النمو الروحي، والسلام الداخلي، كلها جوانب تجعل حياتنا أكثر غنى وعمقًا، إن العلاقات الإنسانية المبنية على أساس الإيمان والمحبة تشكل دعامة قوية في مواجهة تحديات الحياة، وتُقرِّبنا من الله وتجعلنا نعيش حياة مليئة بالمعنى والهدف.
للمتابعة على الفيس بوك: @DR.PAULAW