رئيس التحرير
عصام كامل

حماس السادة المحافظين

طبيعى أن يتحمس أي إنسان حين يبدأ عملا جديدا، كان يتطلع إليه إو هبط عليه، فما بالك بأصحاب المناصب العامة، رؤساء ووزراء ومحافظين ورؤساء هيئات.. الحماس المشوب بالفرحة والعكس هما الوقود الذى يحرك صاحب المنصب، ليثبت جدارته أمام من عينوه، وبالطبع أمام نفسه وأسرته، الصغيرة، وأسرته الكبيرة، المجتمع.


ومع حركة المحافظين الأخيرة استبشر الناس بتغييرات كبيرة في مناصب المحافظين، فقد ابتلوا ببعض المحافظين الخاملين الفاشلين، أخذوا من المنصب الفشخرة، والتباهي والمنظرة، وكانت محافظة الدقهلية ضحية ذاك المحافظ الذي لا يعرف أحد لماذا جاءوا به وعلى أي معيار، وماذا قدم للمحافظة العريقة الكبيرة؟


محافظو الدقهلية وسوهاج وغيرهما ينزلون الشوارع، ليعوضوا الناس عن تقاعس من سبقوهم، ولكي يتحققوا من ضبط الأسواق والمخابز. والنظافة، وفرح الناس في المنصورة وشاوه وغيرهما من مراكز محافظة الدقهلية بأداء اللواء طارق مرزوق، وغضب الأطباء من تعنيف محافظ سوهاج لطبيبة نساء وتوليد، وسرعان ما اعتذر لها بعد بيان احتجاجي من نقابة الأطباء برر انفعاله عليها بأنها "زي ابنته".
 

ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن النشيط. نائب رئيس الوزراء للنقل والصناعة، كامل الوزير احتد أيضا في مقابلة أخيرة في مناقشة مع مهندسة، وهو حاول أن يمسك أعصابه، لكن من الواضح أن بعض الحدة كان بلهجته، وهو ما لم يتعود عليه الرأي العام، لأنه بشوش عادة وصبور ويعرف كيف يخاطب الناس ببساطة أهل الدقهلية الطيبيين.


نحن إذن أمام حماس زائد في تفعيل المنصب أدى إلى وقوع المحافظ في مصيدة الخلط بين كونه سياسيا، وكونه تنفيذيا، لأن الأساس أنه سياسي، وتنفيذي لأن تحت إمرته المؤسسات والأجهزة التنفيذية، من سكرتير عام المحافظة، إلى أجهزة الرقابة، إلى لوائح الثواب والعقاب.


من هنا وقع محافظون فى فخ الخلط، على أساس أنهم السلطة العليا في محافظاتهم، وهم في حماسهم يظنون أنهم ينفذون توجيهات الرئيس، وتوجيهات رئيس الحكومة، بالنزول إلى الناس وحل مشاكلهم.. النزول مطلوب للحسم والحلول الفورية، لكن ملاحقة الناس وتفقدهم على نحو يعطى الاحساس بالبوليسية، سيحرق مسافة الهيبة والاحترام بين المسئول الكبير وعوام الناس.


لا يفوتنا أن نوضح أن الناس الآن غير الناس قبل 25 يناير، لسببين، أنهم أصلا مضغوطون في معايشهم، ولأن حاجز الخوف من المسئول تراجع كثيرا، ويترتب على ذلك أن يواجه الوزير أو المحافظ ردودا استفزازية، وربما تعمد المواطن استفزاز المسئول، ولو بمجرد إظهار عدم الاكتراث بابتسامة! راجعوا فيديو لقاء السيد كامل الوزير نائب رئيس الحكومة مع إحدى المهندسات.

 


خلاصة المشهد أن الكل مضغوط تحت جبل راسخ من الهموم والتطلعات وقلة الموارد، وأي مسئول يريد بالطبع أن ينجح، فقط عليه أن يهدأ وأن يضع أعصابه في ثلاجه، وأن مهمته أن يقرر، وعلي أجهزته التنفيذ.

الجريدة الرسمية