رئيس التحرير
عصام كامل

ماسبيرو.. الذي كان

إطلالته على  ذلك النهر الخالد زادته بهاءً وسحرًا.. تاريخه عريق.. ريادته التي استمدها من ريادة مصر لا يستطيع أحد إنكارهما.. ولد شامخا منذ البداية.. عن مبنى ماسبيرو صوت الدولة والناس أتحدث أيها السادة..


ذلك الكيان الذي شُيد بقرار من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي وضع حجر أساسه في أغسطس من عام 1959، وتم الإنتهاء منه في 21 يوليو 1960، ليفتتح في العيد الثامن لثورة يوليو ليبدأ بثه الأول..


إنه ماسبيرو مبنى الإذاعة والتليفزيون المصري، وإن كنا قد تعلمنا في كلية الإعلام جامعة القاهرة أن مسماه الصحيح مبنى الراديو والتليفزيون، على اعتبار أن الإذاعة تطلق على البث المرئي والمسموع وهذه ليست قضيتنا الأن على أهميتها، ولكن قضيتنا هي سؤال ماذا لو تخيلنا أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر خاصة ونحن في شهر ثورة يوليو جاء لزيارة هذا المبنى الذي كان حلمًا تحقق في عام واحد، كغيره من الأحلام التي لم يقف بها عبد الناصر عند مرحلة الأحلام، ولكن حولها ومعه سواعد المصريين إلى حقيقة وواقع، ماذا سيقول.. بل ماذا سنقول نحن له؟!

 

سنقول له عذرًا أيها الزعيم لم يبق من  حلمك الإ تمثال لوجهك في مدخل مكانٍ اذا دخلته سيحزنك صمته.. ستتعجب من صموده حتى الأن.. ستندهش من قدرة من بقى من أبنائه وهم قلة على العمل الجاد وبكل إخلاص وانتماء، وسط إمكانيات فنية ومادية أصابتها الشيخوخة بالعجز.


وأنا لا أنصحك يا أبو خالد بالتجول في ماسبيرو، لأنك لو فعلت ستجد ستديوهاته وقد أصاب معظمها السكون بعد أن كانت تستمد من الحياة حيويتها، ومن حركة العاملين فيها نشاطها، ومن تنوع ما تقدمه رغبتها في البقاء بل وقدرتها أيضًا.


لن تجد أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وغيرهم من مبدعي زمانك أو أزمنة بعدك يبيتون في ستديوهات الإذاعة لتسجيل أغنية جديدة في عيد الثورة أو غيره..


لن تجد الرائع محمود مرسي {ذلك الوطني الشريف الذي ترك عمله في اذاعة بي بي سي احتجاجًا على العدوان الثلاثي} وجيله والأجيال التالية أو حتى السابقة له ينامون في ستديو 10 بالتليفزيون، أو ستديوهات الدراما في الإذاعة من أجل الإنتهاء من الحلقات الأولى من مسلسل سيعرض أو يُذاع  في رمضان، لإمتاع  مُشاهد ومستمع ينتظرهم.

 
لن تجد مسرح التليفزيون الذي أخرج أجيالًا وعمالقة من ممثلي ومؤلفي الكوميديا ومخرجيها، لن تجد حفلات أضواء المدينة ونجومها التي كثيرا ما أضاء بريقها سماء الفن العربي.. لن تجد حتى حفلات ليالي التليفزيون التي كانت نقطة انطلاق للكثير من الأصوات العربية.. وما أكثرها وأقساها{لن تجد}.

 


وإن حاولتَ عزيزي أبو خالد سؤالي ماذا حدث لحلمي الذي تركته حقيقة لكم ؟! سأقول لك عذرًا الإجابة ليست عندى فأنا مثلك أبحث عنها، وكل ما أستطيع قوله أن حلمك يسير بالقصور الذاتي تدعمه قوة أبنائه، التي أوشكت على النفاد، والذين أصبحوا مثل عنتر في مسلسل الرجل والحصان ينتظرون رصاصة الرحمة.

الجريدة الرسمية