رئيس التحرير
عصام كامل

تأملات في المزمور الأول (1)

في عالم مليء بالتجارب والمغريات، يقف المؤمن كالمنارة التي تهدي السفن في ظلام البحر.. يعلمنا المزمور الأول دروسًا ثمينة عن كيفية العيش بحسب مشيئة الرب وتجنب مغريات العالم. دعونا نستعرض هذا المزمور بعمق، ونتأمل في أربعة محاور هامة تُشكل أساس حياة المؤمن الحقيقي.

المؤمن لا يسير كأهل العالم

"طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار، وفي طريق الخطاة لم يقف، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس" (مزمور 1: 1).

منذ بداية المزمور، يُبرز الكتاب المقدس صفات الرجل المؤمن الذي يبتعد عن مشورة الأشرار ولا يتبع طريقهم. في هذا الزمن الذي تكثر فيه المغريات والضغوط للانجراف وراء الشهوات والفكر الدنيوي، يُظهر المؤمن قوة وإصرار على السير في طريق الحق، غير متأثر بالمؤثرات الخارجية التي تضلله عن سبيل الرب. 

 

المؤمن الذي يسلك في طريق الرب يختار بحكمة من يستمع إليهم ومن يجلس معهم، لأنه يعلم أن الصداقة مع الأشرار تجره إلى الخطيئة وتبعده عن الله.

أمثلة كثيرة نراها في حياتنا اليومية لأشخاص تأثروا بأصدقاء السوء، وإنتهى بهم الأمر إلى طرق مظلمة. لذلك، يتعلم المؤمن من هذه الأمثلة ويبتعد عن كل ما يمكن أن يبعده عن الله. نجد في الكتاب المقدس مثالًا حيًا في قصة يوسف الذي رفض غواية زوجة فوطيفار، واختار الطريق الصعب للبقاء أمينًا لله، حتى وإن كان الثمن هو السجن. لكن الله لم ينسَ أمانة يوسف، ورفعه ليصبح الرجل الثاني في مصر بعد فرعون.

المؤمن يسير حسب قلب الرب وشريعته

"لكن في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهارا وليلا" (مزمور 1: 2). إن سر نجاح المؤمن يكمن في محبته لشريعة الرب والتأمل فيها ليلًا ونهارًا. هذا التأمل اليومي يزوده بالقوة والحكمة للسير في طريق الحق. عندما يجعل المؤمن من شريعة الرب محور حياته، يكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه، دائمًا مثمرة وقوية، كما يقول المزمور.

 

الكتاب المقدس ليس مجرد كتاب نقرأه، بل هو دليل حياة يجب أن نحيا بحسبه. التأمل في شريعة الرب نهارًا وليلًا يمنح المؤمن فهمًا عميقًا لإرادة الله في حياته. كما أن هذا التأمل يمنحه القدرة على مواجهة التحديات اليومية بثقة وسلام. المؤمن الذي يعيش بحسب شريعة الرب يشعر بسلام داخلي وفرح لا يمكن للعالم أن ينزعه منه. هذا السلام الداخلي هو ما يمنحه القوة لمواجهة أي صعوبات أو تجارب قد يواجهها.

 

 

نرى في الكتاب المقدس كيف أن الملك داود كان يحب شريعة الرب ويتأمل فيها باستمرار. كانت شريعة الرب مصدر قوته وحكمته، وقد استطاع بها أن يحكم شعبه بالعدل والمحبة. نرى أيضًا كيف أن الرب بارك حياته وجعله ملكًا عظيمًا بسبب أمانته لشريعته.

للمتابعة على الفيس بوك: @Dr.PaulaW

الجريدة الرسمية