رئيس التحرير
عصام كامل

طريقة مليان خير

في دوامات الحياة التي ندور فيها كلنا في كل يوم. كان وائل يعيش في قرية صغيرة، حيث القلوب البسيطة والأحلام المحدودة. عاش وائل في بيت متواضع مع والديه وإخوته، حيث كانوا جميعًا يكافحون من أجل لقمة العيش. كانت الحياة قاسية عليه، لكنه لم يفقد إيمانه يومًا. كان دائمًا يبحث عن الأمل في كل زاوية من زوايا حياته المتواضعة.

 

حتى أنه في إحدى الليالي، عندما كان وائل يجلس تحت شجرة الزيتون القديمة، شعر بثقل الحياة يضغط عليه. كانت لديه الكثير من الأسئلة التي لا يجد لها إجابات. رفع رأسه نحو السماء المليئة بالنجوم وقال: "يا رب، أرني الطريق". وفي تلك اللحظة، تذكر آية من المزامير كان حفظها في طفولته في كنيسة القرية: "تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ. أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ." (مز 16: 11)

 

شعر وائل بطمأنينة غريبة تملأ قلبه عندما تذكر تلك الأية وتذكر طفولته وأيام مدارس الأحد، وشعر في تلك اللحظة وكأن الله يجيبه. قرر أن يضع ثقته بالله ويبحث عن الطريق الذي يرسمه له. بدأ بحضور الكنيسة بانتظام من جديد، ووجد فيها ملاذًا وملجأً من هموم الحياة. تغير وبدأ أن يستمع إلى العظات وقرأ الكتاب المقدس بعمق. كانت كلماته تمنحه الأمل والقوة.

 

تذكر وائل آية أخرى كانت ترن في أذنيه كلما شعر باليأس: "لأَنِّي عَرَفْتُ الأَفْكَارَ الَّتِي أَنَا مُفَكِّرٌ بِهَا عَنْكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَفْكَارَ سَلاَمٍ لاَ شَرٍّ، لأُعْطِيَكُمْ آخِرَةً وَرَجَاءً" (إرميا 29: 11)

 

وفي أحد الأيام، بينما كان وائل يتجول في السوق، سمع عن فرصة عمل في مصنع بالمدينة المجاورة. شعر بشيء داخله يدفعه للتقدم، وكأنه الله يفتح له بابًا جديدًا. رغم أنه لم يكن يمتلك خبرة كبيرة، إلا أنه تقدم للعمل وملأ استمارة التقديم بثقة.

 

عندما بدأ وائل العمل في المصنع، واجه العديد من التحديات. كان العمل شاقًا والمتطلبات كثيرة. لكن وائل لم يستسلم. كان يعود إلى البيت كل مساء، ويصلي طالبًا العون والقوة من الله. تذكر دائمًا كلمات الرب يسوع: "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَثِقْيلِي ٱلْأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ." (متى 11: 28).

 

مع مرور الوقت، بدأ المدير يلاحظ اجتهاد وائل وتفانيه في العمل. قرر أن يمنحه فرصة أكبر ويكلفه بمسؤوليات جديدة. كان وائل يتعامل مع كل تحدٍ بروح مفعمة بالإيمان والأمل. كان يعلم أن الله معه في كل خطوة. تذكر وائل دائمًا كلمات الرسول بولس: "أَسْتَطِيعُ كُلُّ شَيْءٍ فِي ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي يُقَوِّينِي" (فيلبي 4: 13).

 

ولم يمضِ وقت طويل حتى أصبح وائل مسؤولًا عن قسم كامل في المصنع. كان الجميع يحترمونه ويقدرون جهوده. كان يشعر بشبع السرور أمام الله، ويشعر بنعمه الله تغمره في كل جانب من جوانب حياته.

 

وكان يقول دائمًا لكل من حوله من خلال تجربته مع الله والتي عايشها حتى وصل لما هو عليه حتى يشجعهم: "إذا وضعت ثقتك بالله وسرت في طريقه، فإنه سيقودك نحو النجاح والفرح الحقيقي".

 

 

قصة وائل تذكرنا بأن الله دائمًا يرشدنا نحو الطريق الصحيح، مهما كانت البدايات متواضعة والصعوبات كبيرة. إن الثقة بالله والسير في سبيله يجعلنا نكتشف شبع السرور ونعم الله التي لا تنتهي. آية المزمور "تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ. أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ".. هي تذكرة لنا بأن الله دائمًا معنا، يرشدنا ويباركنا في كل خطوة. لنسير بثقة في طريقه ونكتشف النعم الغير متناهية التي أعدها لنا.
للمتابعة على الفيس بوك: @Dr.PaulaW

الجريدة الرسمية