لا تذبحوا أحمد حلمي! (2)
نستكمل اليوم بقية المقال السابق الذي تعرضنا فيه إلى مشوار النجم أحمد حلمي في الفن، وأكدنا على نجاحاته وتميزه كواحد من أهم صناع الكوميديا في السينما المصرية منذ بداية الألفية الجديدة، بما قدمه من أفلام جميلة وناجحة مثل ظرف طارق، مطب صناعي، كده رضا، أسف على الإزعاج، عسل إسود، إكس لارج، أثبت من خلالها موهبته كفنان كبير وليس مجرد نجم كوميديا، وذلك قبل أن يبدأ منحنى تراجعه فنيًا وجماهيريا في السنوات الأخيرة بأعمال ليست على المستوى السابق له..
وحللنا أسباب هذا التراجع الواضح، كما ذكرت أيضًا تفاصيل اللقاء الذي تم بيني وبينه منذ بضعة أشهر والذي أكد لي رغبته القوية في العودة من جديد وقريبًا إلى أفلامه الجميلة التي عشقها الجمهور وتعويض ما فات!
حتى فوجئ الجميع منذ أيام قليلة بإعلان تركي آل شيخ رئيس هيئة الترفيه السعودية عن إنتاج 4 أفلام لحلمي أولها بعنوان النونو، يدور حول نصاب مصري كبير يأتي إلى السعودية للقيام بعدة عمليات نصب في موسم الرياض وعلى المعتمرين والحجاج! وهو ما أثار ردود أفعال غاضبة عاصفة وقوية جدًا ضد حلمي بين رواد السوشيال ميديا وبعض النقاد والصحفيين وقليل من الفنانين يتقدمهم الفنان الكبير المحترم محمد صبحي.
إهانة ومقاطعة
فبمجرد أن أعلن تركي آل شيخ عن استعداد هيئة الترفيه السعودية لإنتاج فيلم النونو لحلمي، حتى تصاعدت ومازالت ردود الأفعال بشكل سريع وواسع، لدى رواد السوشيال ميديا معبرة عن غضبها واستنكارها ورفضها لهذا الفيلم، الذي رأته يمثل إهانة واضحة لمصر ولشعبها ولفنانيها تبدو متعمدة بالإصرار على تكريس صورة المصريين على أنهم نصابون ومحتالون ومجرمون، يسرقون وينصبون على الشعوب الأخرى في الأفلام التي تدعمها هيئة الترفيه السعودية! كما حدث كذلك من قبل مع فيلم ولاد رزق 3..
وتساءل رواد السوشيال ميديا عن دور وزارة الثقافة والنقابات الفنية في مواجهة هذه النوعية من الأفلام، وطالبوا بمقاطعة هذا الفيلم عند عرضه ومقاطعة كل أفلام الفنان أحمد حلمي ووجهوا له انتقادات شديدة اللهجة منها أنه صار يبيع فنه وتاريخه بالمال!
وعلى مستوى آخر أعلن عدد من النقاد والصحفيين والشخصيات العامة وبضعة فنانين استياءهم من فيلم النونو أبرز هؤلاء الفنان الكبير محمد صبحي الذي نشر منشورًا على صفحته على الفيسبوك بعنوان الفضيحة الكبرى بلا حياء أو خجل عيب عيب عيب، يعبر فيها عن غضبه الشديد من هذا الفيلم ومتسائلا هل لو فيه فيلم مصري عن واحد سعودي يأتي إلى مصر ليشرب الخمر ويلعب القمار حتى تنفد فلوسه فيبدأ بالنصب على المصريين، هل سيقبل أي فنان سعودي أن يلعب هذا الدور؟ بالتأكيد لا وألف لا!
ورطة حقيقية
لا شك أن الفنان أحمد حلمي في ورطة وأزمة حقيقية لم يتعرض لمثلها في تاريخه، بسبب فيلمه المقبل النونو، وفي تصوري أن هذه الأزمة ستتصاعد بقوة في الفترة القادمة وستبلغ ذروتها مع بدء تصوير الفيلم نهاية هذا العام إن شاء الله، ما لم يحدث في الأمر أمر مغاير فلا أحد يدري؟!
ولا شك أيضًا أن حلمي قد خانه ذكاؤه وجانبه التوفيق بالموافقة على هذا الفيلم ولم يتوقع كل هذا الكم من ردود الأفعال الغاضبة تجاهه وتجاه هذا الفيلم، خاصة وأنه قد قدم من قبل شخصية النصاب في فيلمه الجميل كده رضا ولاقى نجاحًا كبيرًا فنيًا ونقديا وجماهيريا..
ولكنه لا يدري أن هذه المرة مع فيلم النونو، الموضوع مختلف تمامًا لأنه يتعلق بصورة المصري الذي يحترف النصب خارج بلده في دولة أخرى ويتلاعب بمشاعر المعتمرين والحجاج وبتمويل من هذه الدولة وهو ما يعد أمرا مرفوضا كليًا شكلًا وموضوعًا!
ومن دواعي دهشتي من قبول أحمد حلمي لهذا الفيلم أن نجم بحجمه وموهبته وتاريخه لا يحتاج إلى تقديم أي نوع من التنازلات، وهذا الفيلم بالتأكيد يعد تنازلًا من جانبه، لكي يتم إنتاج أفلام له حتى لو لم يجد في بلده المنتج الكبير الذي يتحمس لتمويل الأفلام التي تروق له!
وأخيرًا ورغم كل ما سبق فأنا لست مع هذه الحملة الضارية ضد النجم الكبير أحمد حلمي، خاصة وأن فيلم النونو حتى الآن مجرد مشروع ولم يدخل حيز التنفيذ بعد، وبالتالي لم يعرض فنشاهده ونحكم عليه..
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أرى أن أحمد حلمي لا يستحق أن نذبحه ونطالب بمقاطعة كل أعماله ونهاجمه بكل هذه القسوة والحدة، وننسى ونتناسى كل تاريخه الناصع الحافل بالعديد من الأعمال الجميلة التي طالما أسعدتنا ورسمت البسمة والبهجة على شفاهنا ووجوهنا لسنوات طويلة، فمن منا لا يخطئ ولكل جواد كبوة.