وزيرة بلا شهادات
أثار وصول السيدة عائشة عبد الهادى إلى منصب وزيرة القوى العاملة جدلا واسعا في وزارة الدكتور أحمد نظيف (يوليو 2006 وحتى 30 يناير 2011م)، وذلك لأن السيدة الوزيرة لم تكن قد حصلت على شهادات تعليمية، فما كان من الصحافة يومها إلا أن وجهت ضرباتها للحكومة كلها وليس لعائشة وحدها.
والحق يقال إن السيدة عائشة عبد الهادى قدمت نفسها كواحدة من أهم وأنجح من تولوا هذا المنصب، ولفتت الأنظار بخبراتها الكبيرة، واستطاعت أن تغير من وجهة نظر الصحافة والصحفيين، بعد أن ثبت أنها وزيرة قادرة على اتخاذ القرار، إضافة إلى معرفتها التامة بهموم وزارتها.
ولم تكن عائشة عبد الهادى نبتا شيطانيا فقد جاءت إلى الوزارة بعد سنوات من العمل النقابي كناشطة نقابية في إحدى شركات الأدوية، حتي وصولها إلى نائب رئيس اتحاد عمال مصر ورئيسة للجنة المرأة العاملة العربية في الاتحاد الدولى للعمال.
ميزة عائشة عبد الهادى أنها كانت خبرة عمالية نادرة، وأحد أهم مزاياها أيضا أنها لم تقدم نفسها إلى الوزارة بشهادة مزورة، أو بشهادة مضروبة كما ذكر الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء في معرض دفاعه عن وزير التعليم الجديد محمد عبد اللطيف.
نعم كانت عائشة عبد الهادي بلا شهادات، ولكنها كانت صاحبة شهادة هي الأهم.. شهادة الصدق وعدم التزوير، حيث لم تكن سيادتها صاحبة سجل في شهادة "ضرب الشهادات" وكانت بالقياس لأصحاب شهادات أكثر خبرة واقعية منهم، حيث اعتركت الحياة النقابية العمالية منذ الصغر.
ولم تكن عائشة عبد الهادى وزيرة للتربية.. كانت وزيرة للعمال تربت معهم أمام الماكينات ومعامل الصناعة، ولم تكن وزيرة للتعليم حيث لم يكن مطلوبا منها تعليم أولادنا أن ضرب شهادة ما أمر هين، بل قد يدفعك دفعا لتصبح وزيرا في حكومة واحد مثل الدكتور مصطفى مدبولي.
أما مشكلة محمد عبد اللطيف مع نفسه فإنها لا تكمن في الشهادة المضروبة بقدر وجودها في جرأة عملية الضرب أو استسهالها، واعتبار ذلك طريقة يمكن للمرء أن يعلو القوم بها ويرتفع عليهم، ويصبح واحدا ممن يسبق اسمهم حرف الدال، ليوحي للغير بأنه رجل علم وتفكير عقلى.
أذكر أن الدكتور صلاح قبضايا رئيس تحرير الأحرار الأسبق كان يرفض توقيع مقالاته بحرف الدال، وكان يردد لتلامذته بأن الدكتوراه أمر يخصه ولا يخص القارئ أو زملائه، فهو مثل زملائه يسعى معهم في مضمار العمل الصحفي الذي لاعلاقة له بالدكتوراه أو غيرها.
ومشكلة محمد عبد اللطيف معنا نحن شعب مصر أنه كذب وضرب وادعى، وقد جاء إلى وزارة أوكل إليها عملها وتاريخها فكرة التربية والتعليم، فإلى ماذا يحيلنا أمر الوزير الذي ضرب شهادة وقدمها لمجتمعه.. هنا مصيبة المصيبات أولاها فكرة التربية على الضرب وليس آخرها الادعاء بأنه من حملة الرسالات العلمية.
وخلاصة القول: ما الذي يمكن أن يفعله ولى الأمر مع إبنه إن قال له إن الشهادات ليست أمرا مهما، وأن التعليم أيضا "في الراس وليس في الكراس"، وأن مسألة ضرب شهادة قد تؤهله لأن يصبح في يوم من الأيام وزيرا في حكومة مصر أكبر وأهم دولة عربية في محيطها؟!!!