فن التحايل!
لفنان الصحافة المصرية صلاح حافظ مقال بديع يقول فيه إننا ونحن نصوغ القوانين لدينا نحرص على أن تكون بها بعض الثقوب لكى تمكننا من خرقها عندما نريد! وكلما تمضى الأيام يثبت صحة هذا القول رغم تغير القوانين وتبدل من يعدونها ويصنعونها!
لذلك إنتشر في حياتنا نهج التحايل حتى صار نهج حياة لدينا للأسف الشديد.. ولعل نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة يتنبه لذلك وهو ومن معه يعيدون بناء الانسان المصرى حتى يخلصون حياتنا من ظاهرة التحايل ومن المتخصصين في فن التحايل!
ولعل هذه الظاهرة لها أصولها التاريخية عندنا في مصر منذ قديم الأزل.. فهى الأرجح ظهرت لمواجهة تكبيل الناس بالقوانين والمراسيم والقرارات واللوائح، وهو ما خلق لدينا مناخا ملائما لتغلغل البيروقراطية التى فتحت باب الفساد واسعا على مصراعيه في المجتمع، لدرجة أن الحصول على الخدمات الإدارية العادية والمستحقة وبالقانون صار له ثمنا يضطر الناس لدفعه للحصول على حقوقهم المشروعة التى يقرها القانون..
لذلك ظهر التحايل للحصول على الحقوق.. وليس غريبا أن يستخدم في المأثور الشعبى مصطلح التحايل على عيشه لوصف من يكد ويتعب ويجتهد ليكسب رزقه ويوسع دخله حتى يكفيه ليعيش بشكل مناسب تتوفر في معيشته احتياجاته الاساسية ومن يعول!
ولكن للاسف الشديد لم يعد التحايل قاصرا على الاجتهاد في العمل وإنما تحول إلى أسلوب في التعامل مع ترسانة القوانين والمراسيم والقرارات واللوائح لخرقها والحصول على ما هو ليس بحق..
وبمرور الوقت صار التحايل فنا يقطنه البعض ويجيده ويمارسه على نطاق واسع. وإذا كنّا عاقدين العزم بالفعل على إعادة بناء الانسان المصرى علينا مقاومة ومناهضة فن التحايل هذا وكشف من احترفوه وامتهنوه وأجادوه وتخصصوا فيه!