الثانوية العامة وتكافؤ الفرص!
لن ينصلح التعليم في مصر إلا إذا تغير نظام الثانوية العامة وما يسمى بتنسيق كليات القمة، فليس من العدل أن يجري تقييم جهد وفهم التلاميذ لمناهج دراسية تمثل حصادًا لاثني عشر عامًا في ثلاث ساعات فقط هي أقصى مدة لامتحان أي مادة دراسية، وقد يقع في أثناءها غش أو يصحبها تسريب أسئلة وما يتسبب فيه ذلك من انعدام تكافؤ الفرص والعدالة في التقييم وحصول بعض الطلاب بالغش على درجات عالية!
وإذا أردتم دليلًا على هذا الرأي فارجعوا إن شئتم لامتحانات سنوات سابقة للثانوية العامة، في لجان بعينها التحق أغلب طلابها بكليات الطب في محافظات بالصعيد ثم رسب أغلب طلاب الفرقة الأولى.. لماذا؟ لأنهم ببساطة نجحوا بالغش وحصلوا على الدرجات العلى..
وهو الأمر الذي يجعلنا نطلب بتغيير نظام امتحانات الثانوية العامة، والعودة للأسئلة المقالية التي يصعب مع الغش الإلكتروني الذي بات ظاهرة في السنوات الأخيرة تهدد سمعة التعليم المصري وتضرب مصداقيته..
ومثل هذا التحدي لا يزال موجودًا حتى هذه اللحظة، فلا يكاد يمر امتحان دون أن تطارده شائعات تسريب الأسئلة ووقوع حالات غش تعطى الدرجات العالية لمن لا يستحق، وتدخل الإحباط في نفوس الطلاب الذين اجتهدوا وتعبوا وسهروا الليالي وأنفق ذووهم مبالغ طائلة على دروس خصوصية وسناتر وشراء كتب خارجية وملازم أعدها مدرسون خاصون خارج مظلة التربية والتعليم.
لاشك أن العدالة وتكافؤ الفرص أهم مقومات نجاح أي منظومة تعليمية وهو ما تفتقده الثانوية العامة بشكلها الحالي، حتى عندما تحولت الامتحانات لنظام البوكليت جعلت الغش أسهل وتسريب الامتحانات ممكنًا والاعتماد عليه أمرًا معتادًا.
الحديث عن تغيير نظام الثانوية العامة وجعله أربعة مسارات رئيسية بعد طرحه للحوار المجتمعي، واستصدار تشريع من البرلمان بذلك التغيير خطوة في سبيل التغيير الإيجابي نرجو أن يكتب لها النجاح.. وحتى يتحقق ذلك فعلينا مراجعة طريقة التقويم في الثانوية العامة ليكون نظامها أكثر عدالة وإتاحة لتكافؤ الفرص..
وهناك تجارب نجاح مشهودة في دول مثل سنغافورة أو فنلندا أو كوريا الجنوبية أو اليابان وغيرها من نماذج مثمرة جعلت التعليم محببًا لقلوب الطلاب أولاُ، ثم معادلًا للتقدم والإنتاج وتطوير البحث العلمي والإبداع في كل المجالات، وليس رحلة عذاب واستنزاف نفسي وبدني ومادي للطلاب وأولياء أمورها..
رحلة عذاب تجعل التعليم مرادفًا للعقاب وليس التأهيل والبناء، حتى أصبح الشغل الشاغل للطلاب هو الحصول على الدرجات بأي وسيلة، والحصول على شهادة، وتصنيف الكليات ما بين كليات قمة وكليات متدنية لا تسمن ولا تغني من جوع.. لذلك ليس مستغربا أن تظل مصر في وضع متأخر في التعليم علي مستوي العالم.