وزيرة البيئة وقطع الأشجار؟!
أخيرًا ردّت الحكومة على أزمة قطع الأشجار، وتجاوبت مع ما أثير في مواقع التواصل الاجتماعي، وحسنا فعلت وزيرة البيئة حين بادرت بالمشاركة في حوار وطنى حول تلك المسألة المصيرية، بل واعترفت بأنها تتألم عندما تشاهد أي اعتداء على الأشجار، وتزداد ألمًا عندما يكون القطع لأسباب غير منطقية.. لكن مثل هذا الكلام قد يكون مقبولًا ومقدّرًا إذا ما صدر عن مواطن عادي مهموم بالإصحاح البيئي لا حول له ولا قوة..
لكن ليس مستساغًا أن يصدر عن وزيرة يفترض أنها صاحبة قرار بل ومسئولة عن سلامة البيئة في مصر.. فماذا فعلت الوزيرة إزاء ما أثير من ضجة على السوشيال ميديا حول مذبحة الأشجار في القاهرة مثلاُ؟ هل اكتفت بإبداء مشاعر الألم؟ أم اتخذت موقفًا حاسمًا بحكم منصبها الوزاري وأمرت بتحرير محاضر للمخالفين الذين أجرموا في حق الأشجار حتى ولو كانت المحليات هي من فعلت ذلك؟
حسبما فهمت من كلام مدير عام التشجير بوزارة البيئة أحمد عباس لجريدة الشروق أن المحليات تلجأ في بعض الأحيان لقطع الأشجار من تلقاء نفسها دون الرجوع إلى وزارة البيئة! ولم ينس الرجل وهو المسئول عن التشجير في الوزارة أن يقول إن الضجة المثارة بشأن قطع الأشجار عبر مواقع التواصل الاجتماعي مبالغ فيها، وأن بعض الصور التي يتم تداولها مفبركة..
والسؤال: هل كلف هذا المسئول النافذ نفسه مشقة تكليف فريقه المعاون للنزول على أرض الواقع للتحقق من حقيقة قطع الأشجار في الأماكن التي أثيرت حولها تلك الضجة؟ وإذا كان ذلك كذلك فلماذا تألمت الوزيرة؟!
للأسف وزيرة البيئة اكتفت بالقول إنه من واقع مسؤوليتنا، كان لزامًا علينا أن ندعو إلى حوار وطني لتعزيز وتسريع تنفيذ مبادرة الـ 100 مليون شجرة التى أطلقها رئيس الجمهورية.. ولم تقل لنا ماذا ستفعل مع المحليات إذا ما أقدمت مرة أو مرات أخرى على قطع أشجار في أماكن أخرى خصوصًا في القاهرة أكثر مدن العالم تلوثًا وضجيجًا، لتوسيع الطرق أو إقامة كباري جديدة؟
وكيف سيتم تعويض تلك المنطقة بمساحات خضراء تكون رئة تتنفس منها أو تساعد على الحد من ظاهرة الارتفاع الشديد للحرارة أو تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري التي تعانى منها القاهرة ولسوف تزداد معاناتها في الفترة المقبلة؟!
ما قاله مدير عام التشجير بالوزارة عن معدلات إنجاز مبادرة الرئيس بزراعة 100 مليون شجرة لا يزال دون الطموح، فقد تم الانتهاء من زراعة مليون و450 ألف شجرة، وسيتم خلال العام الجارى زراعة مليوني شجرة جديدة، بخلاف تشجير قري حياة كريمة..
وتلك مبادرة طيبة لكن ما تحتاجه مصر المحاطة بصحراء من كل الاتجاهات هو حمايتها من زحف التصحر عليها، وحماية شواطئها من التآكل ودلتاها من ملوحة التربة.. وهو ما يحتاج لجهد مضاعف لابد أن تقوده الحكومة بخطى أسرع بالتعاون مع المجتمع المدني، فالمساحات الخضراء ضرورة صحية بل ضرورة وجودية لا تحتمل التأجيل، فارتفاع حرارة الأرض في ازدياد يهدد الحرث والنسل.. فهل وزارة البيئة مستعدة لتسريع الخطى وتعظيم الإنجاز؟!
نحتاج إلى وزير للبيئة أكثر فهما ووعيا وحماسا.. لا وزير تصريحات ومكاتب!