رئيس التحرير
عصام كامل

رفقا بالآباء!

أصبحت لدى قناعة أن الأب بات مظلومًا، فرغم تحمله عبء السنين؛ فقد مر عيده مرور الكرام، لم يتذكره أحدٌ، ولم يلق تكريمًا يليق بعطائه وكفاحه لتوفير مقومات الحياة لأسرته حتى يعبر بها إلى بر الأمان!


الأب مظلوم حتى من أبنائه؛ فالجيل الجديد لا يتفق مع أفكار الاب بل إن بعض الأبناء يفسر خوف أبيه عليه بأنه يمارس سلطة أبوية لا تبغى سوى إملاء إرادته وإنفاذ مشيئته وإلغاء إرادة أو حرية الأبناء، مع أنه ليس هناك شخص في الدنيا يحب أن يكون الابن أفضل منه إلا الأب.. 

 

ومن ثم فليس مستغربًا والحال هكذا أن يقول نبينا الكريم: "رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد".


ولسوف يأتي يوم عندما يكبر الأبناء وينجبون أطفالًا صغارًا ساعتها سيعرف هؤلاء الأبناء قيمة الأب ونصائحه وخوفه عليهم.. وعندما يرحل الآباء سيعلم الأبناء قيمة الأب؛ السند والظهر والأمان.
الوالد هو أول صديق لابنه، وأول حب لابنته.. فإذا كان الأب صالحًا نفع بصلاحه الأبناء يقول الله تعالى في سورة الكهف:" وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا".


وإذا مات الأب غنيًا ترك لأبنائه ما يسترهم ويكفيهم شر الحاجة وسأله الله عن هذا المال، من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه.. فهل يقدِّر الأبناء خطورة ما يتحمله الوالد عنهم، فهو يسأل عما تركه لهم من مال ويحاسب عليه.. بينما هم  يتمتعون به، وربما ييغفلون عن شكر هذه النعم!  


وفي معترك الحياة.. ومع كل زنقة محرجة أو موقف صعب أو سؤال سيظهر الأب كإجابة شافية وافية تريح البال وتشيع الطمأنينة في النفس.. رحم الله والديّ، وكل أب رحل، ورزقهم الجنة جزاء كل خير قدموه وكل تعب تعبوه وكل ألم تألموه لأجلنا!


وإذا كان بعض الأبناء يقولون إن الآباء لا يفهمونهم ولا يشعرون بهم.. فإن بعض الآباء أيضًا يساورهم شعور مماثل بأن أبناءهم لا يطيعونهم ولا يفهموهم ولا يحاولون إرضاءهم! هذه إشكالية   تدور بين الأجيال، لا يخلو منها جيل إلا ما رحم ربي.


لا يصح أن نسمي ذلك صراع الأجيال، ولا الصراع بين القديم والجديد؛ فليس بين الآباء والأبناء تنافس، فلا يجوز للمرء أن يختلف مع أبيه، ولا حتى مع نعليه!

 


وليس هناك أبلغ من قول النبي: "أنت ومالك لأبيك".. فهل تدرك أجيال اليوم من شباب التيك توك والفيس بوك وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي أي جُرم يرتكبون حين يصرون على رفض الاستماع لنصائح الآباء والإعراض عنهم وجدالهم وربما رفع الصوت عليهم في جدال يؤذي مشاعر الوالدين.. أيها الأبناء رفقًا بالآباء.. فغدًا ستشربون من نفس الكأس!

الجريدة الرسمية