رئيس التحرير
عصام كامل

عن أي نصر يتحدثون؟

أعلنت الإدارة الأمريكية بفخر أنها جزء من العملية، ووقف المتحدث العسكري الصهيوني وسط الصحفيين وكأنه يعلن عن انتصار ساحق حققته قوات بلاده، ليقول للعامة والخاصة إن قوات برية وبحرية وجوية ومئات من الجنود والدبابات والمدافع والطائرات شاركت في النصر.


عن أي نصر يتحدث الأمريكان كقوة مهيمنة عالميا، وعن أي نصر يتحدث جيش الاحتلال الذي صور للعامة عبر رحلة احتلالهم أنهم لا يقهرون، وأنهم القوة الوحيدة في المنطقة التي تصاحبها هيمنة جوية وتقنيات حربية لا يملكها غيرهم، واعتبارهم فتوة المنطقة كلها.


الإدارة الأمريكية “بجلالة قدرها” قالت إنها شاركت قوات الاحتلال الصهيوني التي تقاتل عزلا ومدنيين منذ تسعة أشهر بأعتى الأسلحة الغربية القادمة من واشنطن وبرلين وباريس ولندن وعدد من عواصم الغرب والشرق.. الإدارة الأمريكية قالت إنها جزء من عملية تحرير أربعة رهائن!


أي والله هكذا تفاخرت قوى الشر في العالم وتعاطت وسائل إعلامهم الغربية باعتبار أن ما حدث نصر عظيم وبدا نتنياهو وكأنه أسد حقق ما لم يحققه غيره.. هكذا يبدو لي ولغيري أن هذا الكيان الذي يستمد من إمدادات الغرب يوميا قدرته على الاستمرار في قصف مدينة ليس بها طيران ولا دبابات ولا مدافع ولا مسيرات.. فقط بها أطفال ونساء وفئة قليلة من مقاتلين سحقوا كل أدوات الغرب ببنادق ومدافع بدائية ولا يزالون.


إن حجم "البروباجندا" التي صاحبت عملية تحرير أربعة أسرى بعد تسعة أشهر من عدوان مدمر قتل أكثر من خمسة عشر ألف طفل ومثلهم امرأة لا يشي بأننا أمام كيان هو الأضعف والأكثر هشاشة، وقد وصل إلى نهايات عهده بالقوة الكاذبة التي حققها بفضل ضعف الآخرين، وليس انطلاقا من قوته الحقيقية.


إن واشنطن هزمت وسحقت على تراب غزة والغرب الرسمي سحق على ضفة بحرها، وبات واضحا أن الكيان الذي تفاخر ومعه البيت الأبيض بأنهم نجحوا في تحرير أربع رهائن بعملية سينمائية إنما هو ذاته الكيان الذي سيرسم نهاية لهيمنة الغرب وعصاباته على أمتنا كلها.


لقد قلت ومنذ الشهر الأول لأكتوبر العظيم أن الحرب انتهت ومعها انتهت أسطورة الهيمنة الصهيونية على المنطقة، ولقد أصبح جليا لي أمام تلك الاحتفالية الأمريكية الصهيونية بتحرير أربع رهائن أننا فعلا أمام لحظات انتصار بدأت ولن تنتهي إلا بنهاية اغتصاب الأرض.
 

ولو أن ما صنعوه يعد انتصارا بحجم الاحتفال والاحتفاء فماذا نقول عن مقاومة تواجه ترسانة التدمير الغربية والأمريكية والصهيونية لتسعة أشهر، ولا تزال تحقق انتصارات يومية على الأرض بسلاح الإرادة الإنسانية العظيمة، ولا تزال تحتفظ بأكثر من مائة وعشرين أسيرا؟
 

 

إن هؤلاء الفئة القليلة التي تغلب فئة كثيرة بإذن الله لا تزال تواجه كل آلات الجاسوسية الحديثة، ولا تزال تقاتل بأسلحة بدائية ولا تزال تسقط من بين قتلتهم قتلى يوميا، ولا تزال ترسم ملاحم النصر المبين في كل لحظة أثبتت أننا قادرون على النصر رغم المتخاذلين فينا وهم كثر. 

الجريدة الرسمية