آفات الطريق إلى الله (4).. البخل
البخل رزيلة، عواقبها وخيمة، وآثارها سيئة على الإنسان فى حياته وبعد مماته فى آخرته.. والبخل يكون بالمال، وأيضا بالمشاعر الجميلة، والإعراب عن الحب والتسامح.
وقد ذم القرآن الكريم البخل في سبع آيات، فى ست سور، منها خمس سور مدنية وهى: آل عمران: [180]، النساء: [37]، التوبة: [76]، محمد: [37-38]، الحديد: [24]، وسورة مكية واحدة وهى الليل: [8].
الفرق بين البخل والشح
وقد ورد أيضًا فى القرآن الكريم لفظ الشح فى سورتي التغابن: [160]، والحشر: [9] بقوله: "وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".
ويُعرف البخل بأنه قبضُ اليد عن الإنفاق، وهو عملية حركية تنشأ نتيجة مواجيد راسخة فى النفس الإنسانية هى مشاعر الشح التى تدعو صاحبها لعدم الإنفاق.. لذلك قال الله تعالى: "وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".
والشحُّ أفظع درجة من البخل، وهو أن يبخل الرجل على من يسأله مسألة تثير العواطف، ومع هذا لا يرق قلبه، والبخيل هو الذى انصرف عن العامل الذى جاء يأخذ الصدقة وتولى وأعرض عنه.
وقد بينت آيات القرآن الكريم ما ينتظر البخيل من عنت فى الدنيا، وعذاب مهين فى الآخرة، ومن هذه العواقب ما يلى: - العسرى للبخيل "وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى. وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى".
فأما من بخل بماله، واستغنى عن ربه، وكذب بالجنة، أو بلا إله إلا الله "فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى"؛ أي يُعسِّر الله عليه أسباب الخير والصلاح ولا ينفعه ماله إذا هلك وهو فى نار جهنم.
سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
البخل شر وليس خيرًا يقول الله تعالى: "وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"، حيث يجعل الله للبخيل مما بخل به طوقًا حول عنقه، فكلما منع البخيل نفسه من العطاء إزداد الطوق ثقلًا.
والبخلاء جعل الله عاقبتهم رسوخ النفاق فى قلوبهم إلى يوم لقائه: "وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ. فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ. فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ".
أي فلما رزقهم الله، أي المنافقين، بخلوا به وتولوا وهم معرضون، أي بخلوا فى الإنفاق ونقضوا العهد وأعرضوا عن طاعة الله ورسوله "فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ".
أبخل البخلاء
أما أبخل البخلاء، فهو من ورد وصفه في حديث النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، عن السبط الحسن بن علي رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البخيل من ذكرت عنده ثم لم يصل علي".
وحذر علماء المسلمين الفتيات من الموافقة على الخاطب البخيل، فهو من أسوأ الخصال الموجودة في الإنسان هي البخل.
وقال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد بني لحيان: مَنْ سيدُكم يا بني لحيان؟ قالوا: سيدنا جد بن قيس إلا أنه رجل فيه بخلٌ، فقال صلى الله عليه وسلم: وأي داء أدوأ من البخل؟!، ولكن سيدكم عمرو بن الجموح.
وفي رواية أنهم قالوا: سيدنا جد بن قيس، فقال: بم تسودونه؟ قالوا: إنه أكثرنا مالا، وإنا على ذلك لنرى منه البخل، فقال صلى الله عليه وسلم: وأي داء أدوأ من البخل؟! ليس ذلك سيدكم قالوا: فمن سيدنا يا رسول الله قالوا: سيدكم بشر بن البراء، وقال علي رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبغض البخيل في حياته، السخي عند موته.