رئيس التحرير
عصام كامل

آداب الطريق إلى الله  (1)

في رحلة السلوك إلى الله، ينبغي على المريد الحق، إن أراد سرعة الوصول إلى حضرة علام الغيوب، وتحصيل المراد من رب العباد، والمراد هنا ليس الجنة، بل ما هو أبعد من ذلك بكثير، فالمريدُ غالبا ما يتطلع إلى نيل رضا مولاه، سبحانه وتعالى، إذن فعليه بتقوى الله في السر والعلن.

 

فإذا كان العبد يحرص في علانيته أن تكون سلوكياته حسنة، ويخشى أن يتعرض للانتقاد من عباد الله، فالأحرى به أن يراقب الله في السر، وألا يجعل الخالق أهون الناظرين إليه، والعياذ بالله.

Advertisements

 

وأول ما يعاهد الشيخُ عليه مريديه هو تقوى الله، لأن تقوى الله هي البداية لمن أراد سلوك الطريق إلى الله.. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ". وتشمل تقوى الله؛ اجتناب المعاصي والمحرمات، واتباع أوامر الله، والإحسان إلى جميع الخلق، واتباع الشرع الحنيف والسُّنَّة النبوية المطهرة، والحفاظ على العبادات، وأداء الفرائض؛ من صلاة وصيام وزكاة، ثم حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.

 

ذكر الله، من الأمور المهمة التي تعين العبد على طاعة الله، والتفكر في بديع صنعه. ويجب على كل مسلم أن يكون لسانه رطبا بذكر الله، تعالى، فلا يكاد يغفل عن التفكير في خالقه، ورازقه، وأن تكون حركاته وسكناته، كلها، عبارة عن ذكر الله.

 

الذِكر من أيسر العبادات، كما يشبه العلماء حاجة العبد للذكر كحاجته للغذاء والنوم، فالذكر غذاء الروح وأفضل الذكر "لا إله إلا الله، سيدنا محمد رسول الله".. وهو هنا لا يرمي إلى تحصيل الحسنات، فحسب، كما يفعل الكثيرون، بل إنه يقصد إلى التقرب إلى الله، وتحصين نفسه من وسوسة الشيطان ونوازع النفس والهوى.

 

الصلاة على رسول الله والذكر

قال صلى الله عليه وسلم: "ألا أُخْبِرُكم بخيرِ أعمالِكم لكم وأزكاها عندَ مَليكِكم وأرفعِها لدرَجاتِكم وخيرٍ لكم مِن إعطاءِ الوَرِقِ والذَّهَبِ وخيرٍ لكم مِن أن تَلْقَوا عدوَّكم فيضرِبون رِقابَكم وتضرِبون رِقابَهم ذِكْرُ اللهِ عزَّ وجلَ".

 

وجاء في الحديث الصحيح في ثواب من يذكرون الله تعالى، ويُكثرون من ذكره، ويُمجِّدونه ويُسبِّحونه ويسألون الله الجنَّة، ويتعوَّذون من النار، أنَّ الله -تعالى- يقول للملائكة عنهم: "فأُشهدِكُم أني قد غفرتُ لهم".. وقال صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَّا حَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ".. وقال تعالى: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يريدون وجهَهَ".

 

ورأس الذكر هي الصلاة على سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. ولا شك أن الصلاة على النبي هي أسرع السبل للوصول إلى رضا الله سبحانه، فرسول الله هو أحب خلق الله إلى الله، وقد ألزم نفسه، عز وجل، بالصلاة عليه، وأمرنا بذلك في قرآنه الحكيم، فهي طاعة وقربة إلى الله، بل أفضل الطاعات، وأقرب القربات.. فقال عز من قائل: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".

 

 

وعن أُبي بن كعب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثان؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تكفى همك ويغفر لك ذنبك". رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وأحمد.

الجريدة الرسمية