رئيس التحرير
عصام كامل

قناة العقبة غزة الأمريكية البريطانية!

كتبت الأسبوع الماضى عما كشفت عنه وثيقة بريطانية نشرها موقع BBC عن مشروع أمريكى بريطانى عام 1942 لإنشاء مشروع بديل لقناة السويس، واقتطاع رفح والعريش من مصر من خلال مشروع أمريكى تقدم به رجل أعمال أمريكي يهودي صهيوني يدعى ويليام آل جوردن- مالك شركة ويليام آل جوردن وشركاؤه للمقاولات والأشغال العامة، ومقرها نيويورك- إلى الحكومة البريطانية برئاسة ونستون تشرشل.

 
ويكشف المشروع بصدق عن النوايا البريطانية الأمريكية لضرب الاقتصاد المصرى وقبل قيام ثورة 23 يوليو 1952 بـ10 سنوات يعنى في 1942، وقبل إعلان قيام دولة إسرائيل بـ6 أعوام، ويعنى أيضا أن الزعيم جمال عبد الناصر كان محقا في تأميم قناة السويس عام 1956 لأسباب كثيرة منها النية المبيتة لإقامة مشروع بديل للقناة ونوايا فرنسية بعدم تسليم قناة السويس لمصر عام 1969 وفقا لامتياز قناة السويس.

 
المهم أن محور المشروع كان إنشاء قناة تمتد من العقبة إلى غزة في فلسطين، ولذلك سمي المشروع قناة العقبة غزة.. ويشمل: 
أولا: حفر قناة تبدأ من جنوب العقبة ببضعة كيلومترات على البحر الأحمر، ما يعني اقتطاع جزء من شرقي شبه جزيرة سيناء، وتنتهي إلى غزة على البحر المتوسط... ويبلغ طول القناة 177 كيلومترا، وعرضها 500 قدم، وعمقها 50 قدما ويستغرق حفرها 3 سنوات.


ثانيا: إنشاء منطقة تنمية شرقي القناة، وتقع في داخل  فلسطين، وهي قطاع من الأرض عرضه نحو 8.5 كيلومتر، وطوله 177 كيلومترا، بطول القناة المقترحة. وانشاء مناطق زراعيه وصناعية وتجارية على امتداد القناة المقترحة.

 
ثالثا: إنشاء منطقة تنمية غربي القناة تتسع لتشمل جزءًا من شمال وشمال غربي سيناء. ووفق خرائط غوردن المقترحة، فإنها تمتد في داخل حدود سيناء على البحر المتوسط لتشمل رفح المصرية والعريش.


رابعا: خط سكة حديد ذو اتجاهين يحتضنان ضفتي القناة الجديدة.. خامسا: خط سكة حديد ثانٍ يبدأ من منتصف القناة الجديدة إلى نقطة الحدود المصرية التي اقترح غوردن أن تكون ما بعد رفح حتى العريش.. سادسا: طريق أسمنتي وسط المنطقة الغربية، وفي منتصفها، يتفرع إلى فرعين الأول يتجه إلى غزة، والثاني إلى العريش.


ولم يقف الأمر عند ديليسبس الأمريكى عند هذا الحد، بل أطلق الأسماء على بعض المدن الكبيرة التي سوف تنشأ في منطقتي القناة الجديدة مثل غزة الجديدة، بئر السبع الجديدة، العقبة، وينستون (رئيس الوزراء البريطاني) وفرانكلين (الرئيس الأمريكي فرانكلين رزوفلت).


والأسئله التى تدور في الذهن الآن، لولا قيام ثورة 23 يوليو 1952، هل بهذا المشروع كانت النية  البريطانية توحى بخروجها من مصر ورغم اعترافها الناقص باستقلال مصر قبلها ب20 عاما بإصدارها تصريح 28 فبراير 1922؟!

 
الإجابة طبعا بالنفى وتؤكدها ظواهر كثيرة منها إحتفاظ لندن بسلطات تأمين المواصلات البريطانية في مصر، والدفاع عن البلاد ضد أي اعتداء، وحماية الأقليات، وحماية المصالح الأجنبية على الأراضي المصرية.. يعنى إحتلال ووصاية وسيطرة.

 
والمهم أيضا أن رجل الأعمال الأمريكي تنبأ بأن المصريين سيصرون على إستعادة قناة السويس.. ونصح الحكومة البريطانية ومحرضا في ذات الوقت لندن بالتفكير في يوم 17 نوفمبر عام 1968، موعد إنقضاء اتفاق فيردناند ديليسبس مع الحكومة المصرية، ويوم ضياع أهم طرق مواصلات الإمبراطورية البريطانية الحيوية!
 

وأضاف محرضا إن مصر تنتظر بفارغ صبر هذا الانقضاء.. وفي ذهن كل مصري، إن إنجلترا سوف تسلم مصر كل شيء، قناة السويس بكل المعدات والتجارة، وفقا لاتفاق الامتياز بينها وبين ديليسبس حسب نص اتفاق حق الانتفاع الأصلي، ودون مراعاة مئات ملايين الدولارات التي استثمرتها بريطانيا العظمى وتواصل استثمارها من عام لآخر.


وعبر غوردن عن اعتقاده بأن مصر الآن قوية سياسيا، ودائما ما سببت مشكلة لإنجلترا، وسوف تواصل ذلك بعد التوصل إلى سلام بعد الحرب العالمية الثانية. ونبه إلى أن مصر تطمح إلى أن تنمو قوتها، وهي تتمتع بقدرة بحرية تجارية معقولة مبشرة.


ولهذا إعتبر أن مشروعه سيتيح لبريطانيا تحويل تجارتها من السويس إلى قناة العقبة غزة. واعتبر أن قناته المقترحة ستكون ملكية خالصة لبريطانيا العظمى وحكومة الولايات المتحدة.


وهكذا وبعد 68 عاما من قرار الزعيم جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس يتأكد للجميع وبشهاده بريطانية ومشروع أمريكى أن قرار التأميم لم يأت من فراغ، ولم يكن مغامرة كما روج ويروج البعض وحتى الآن، وأن العدوان الثلاثي من فرنسا وبريطانيا وإسرائيل1956 وحرب يونيو 1967 ما هي إلا حلقات لضرب أي مشروع للنهضة والتقدم في مصر..

 


ومازال المسلسل مستمرا وإن تعددت أشكاله والهدف ثابت أنهم لا يريدون لمصر أن تنهض فى العصر الحديث، منذ معاهدة لندن 1840وما قبلها من مؤامرات لتقليم أظافر محمد على وضرب مشروعه النهضوي الكبير وإحتلال مصر عام 1882 وإلى الآن!

yousrielsaid@ yahoo.com

الجريدة الرسمية