رئيس التحرير
عصام كامل

إسرائيل تقترح على إسرائيل!

مع الأكاذيب التي لا حصر لها.. إسرائيل مستمرة في بيع الوهم للجميع بانتصارها في غزة ولذلك تفرض شروطها لقبول وقف إطلاق النار.. الكل يدرك هزيمة إسرائيل وانتصار الفلسطينيين، وأن الفلسطينيين انتصروا بفضل إيمانهم بقضيتهم، ووضعوا العالم كله في مفترق طرق إما أن يتخلى على إنسانيته أو يساعدوا الفلسطينيين في استعادة حقوقهم.

 

الحقائق تقول إن واشنطن بيدها مفاتيح اللعبة لذا لا تصدقوا سيناريوهات توزيع الأدوار التى نراها، واشنطن لو أرادت إنهاء الحرب في لحظه فستفعل، لكنها تريد السيناريو الهوليودى بأيد إسرائيلية وتدفعه للأمام، تعالوا نناقش مقترح الرئيس الأمريكي جون بايدن لوقف إطلاق النار الذي يحاول به حفظ ماء وجه إسرائيل.

وأنا متيقن أن الذي صاغ الاتفاق هي إسرائيل.. والتي تطرحه للنقاش هو إسرائيل.. والتى ستوافق عليه هي إسرائيل؟! والكل فاهم والوحيد الذى يتغابى هو نتنياهو ومعسكر التطرف لإنهم ببساطة مصاصو دماء ولا يتورعون عن القتل لتحقيق أهدافهم.

خطة نتنياهو

لا تدرك إسرائيل أنها فقدت الأرضية المبنية على أكاذيب منذ أكثر من 75 عاما من المظلومية والخرافات والأساطير.. بعد أن تساقط ورق التوت.. المهم أن نتنياهو يقترح على نفسه ويفاوض نفسه ويطرح خطته:

في المرحلة الأولى وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلي من المناطق المأهولة بالسكان في غزة.. فأى مناطق مأهولة أو غير مأهولة يقصد؟!

 

تخيلوا غزة التى لا يوجد بها خرم إبرة خالى، وأعلى كثافة سكانية فى العالم لا يوجد بها سنتيمتر واحد خالى، حيث المساحة التى لا تزيد على 360 كيلومترا يعيش فيها أكثر من 2 مليون نسمة لتشكل واحدة من أكثر الكيانات كثافة سكانية في العالم.

 

حيث 26 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، وترتفع الكثافة السكانية فى المخيمات، إلى حدود 55 ألف ساكن تقريبا بالكيلومتر المربع. ثم يقترح نتنياهو على لسان بايدن الانسحاب من المناطق المأهولة بالسكان في غزة.. هل رأيتم وهما وكذبا أكثر من ذلك؟!

 

وتستمر الخطة بإطلاق حماس سراح عدد من الرهائن بينهم نساء ومسنون وجرحى مقابل إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين، طبعا لا تحدد الخطة العدد والنوعية من الفلسطينيين، وعلى الأقل إذا كانوا يطالبون باطلاق سراح نساء ومسنون وجرحى.. فماذا عن نظرائهم في السجون والمعتقلات الاسرائيلية وهم بالآلاف ومنذ سنوات طويلة وبعضهم دخل شابا والآن أصبح عجوزا.. فضلا عن رموز الحياة الفلسطينية.

 

وإذا كانت الخطة تقترح إعادة بعض رفات الرهائن مع عودة الفلسطينيين إلى منازلهم في جميع مناطق غزة، فماذا عن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى من الفلسطينيين.. هل سيعودون للحياة بعد دفنهم في مقابر جماعية!

 

ملهاة ‏سوداء 

وتبشر الخطة بزيادة المساعدات الإنسانية مع دخول 600 شاحنة يوميا.. ولكن لم يسأل بايدن كيف يتم ذلك وقد احتلت إسرائيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني، يعنى تخيلوا القاتل ومجرم الحرب يتسلم بنفسه المساعدة ليعطيها لضحاياه.. والمهم أيضا.. كيف يتم ذلك خرقا لاتفاقيتى كامب ديفيد مع مصر وأوسلو مع السلطة الفلسطينية التى حرقتها إسرائيل وهدمتها مع مئات الآلاف من المنازل.. شفتم هزلا أكثر من ذلك؟!

 

وتستمر الملهاة‏ السوداء بقول بايدن: سيتم إرسال مئات الآلاف من الوحدات السكنية المؤقتة من قبل المجتمع الدولي بديلا عن منازل غزة التى يستعد الصهاينة وبايدن فى اقتسام كعكة الإعمار بعد شهور.. والأسئلة المطروحة فإذا كانوا سيعيدون بناء ما هدموه، فهل سيعيدون الأرض لأهلها وهل سيعيدون الحياة نحو 40 ألف شهيدا وإعادة الصحة لأضعافهم من الجرحى؟  

 

كما أن وقف إطلاق النار الذى تقترحه الخطة غير مؤكد.. ولكن ستدور حوله المفاوضات لمدة 6 أسابيع، ونحن نعرف المماطلات الاسرائيلية في التفاوض؟!

 

يعنى يستردون رهائنهم ويطلقون سراح بعض معتقلينا، ولا يوجد طبعا  في القاموس الإسرائيلى ما يمنع من العودة لحملات الإبادة الجماعية بعد أن يكونوا قد أخذوا ما لدينا ويستطيعون في لحظة ملء المعتقلات الإسرائيلية بأضعاف من أفرجوا عنهم، بل يمكن إعادتهم أنفسهم مرة أخرى.

 

ثم تبدأ المرحلة الثانية بعد 6 أسابيع بإطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء المتبقين، بما في ذلك الجنود الذكور، ثم الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة، ثم يتم الانتقال بوقف إطلاق النار ليكون وقفا دائمًا للأعمال العدائية. وتوقفوا معى عند الجملة المطاطية وقفا دائمًا للأعمال العدائية والتى تحتمل الكثير من الافعال الاسرائيلية المتوقعة!

 

وتبدأ المرحلة الثالثة بإعادة أي رفات للرهائن الإسرائيليين في غزة، وستبدأ مرحلة اقتسام كعكة إعادة الإعمار الكبرى في غزة، بما في ذلك المساعدات الأمريكية والدولية لإعادة بناء المنازل والمدارس والمستشفيات.. منتهى الملهاة السوداء!

 

 

انتهت الخطة.. وببجاحة يقول الإسرائيليون بأنهم سيوافقون عليها إذا وافقت حماس، كله ده وهم يصرخون ويقولون بأن المستقبل لا وجود فيه لحماس.. بالعقل هل يوافق أي مفاوض من حماس على خطة يكون عنوانها غزة بلا حماس!

yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية