لبيك اللهم لبيك
قلبي، وكل جوارحي تحن إلى مصافحة الكعبة المشرفة، وزيارة البيت الحرام.. بيت الله العتيق.. وأن أرتوي من ماء زمزم.. وأن أدعو الله أن أرتشف من كف الحبيب المصطفى، يوم القيامة، شربة ليس كمثلها شيء.. لا ظمأ بعدها، ولا تعب ولا نصب.
عندما رأيت الكعبة لأول مرة، انتابني شعور لا يوصف.. الدنيا كلها لا تساوي جناح بعوضة، مقابل نظرة واحدة إلى الكعبة. هنا صلى وطاف خير خلق الله.. هنا دعى إلى دين الله، وتحمل أذى المشركين، وأكاذيبهم، وتطاولهم.. هنا نزل الروح الأمين على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، بالوحي من رب العالمين.
وأجدني أردد مع الحجيج.. لبيك الله لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك.. لبيك من عبد مقر بذنوبه، معترفا بخطاياه.. يرجو العفو منك.. لبيك من عبد أنعمت عليه كثيرا، ومصرٌّ على التقصير في الشكر لك.. لبيك يا منعم، يا رازق، يا باسط، لبيك إن الحمد والشكر لك لبيك..
لبيك من عبد مشتاق إلى زيارة بيتك المحرم، وحبيبك الذي أرسلته رحمة للعالمين.. لبيك يا خالق الخلق، يا خالق السموات والأرض ولم تعيَ بخلقهن، ونضيق إن تأخر جواب دعائنا، والخير في المنع كما هو في الإجابة، لبيك.. لبيك يا منعم، لبيك يا معطي، لبيك على نعمائك، لبيك على رجماتك، لبيك على الصفح، والغفران..
لبيك على الستر، لبيك على نعمة الإسلام.. لبيك على نعمة الحياة.. لبيك وأنا موقن بأن لي ربا رحيما، لبيك يكفيني عزا أني لك عبد، وأنك لي ربا، لبيك وكلي فخر بأن رسولي محمدا، صلوات ربي وتسليماته عليه وعلى آله.
يارب حالنا لا يخفى عليك.. حالنا لا يسر حبيبا، ولا يغيظ عدوا.. إخواننا مشردون في كل مكان.. في أصقاع الأرض، هناك مسلم أبعده عن أوطانه أعداء يتربصون به، من الصومال، والسودان، وليبيا، واليمن، وسوريا، والعراق، ولبنان.
أما فلسطين الحبيبة فلم تعد هناك كلمات تصلح للتعبير عن حجم الكارثة، وتفاصيل المأساة، نتوسل إليك يا رسول الله، كن شفيعا للمسلمين، أن يرفع الله عنهم ما هم فيه من بلاءات ومصائب، إننا لا نطمع في أكثر من السلام، والأمان.. وما ذلك على الله بعزيز.
سيدي يا رسول الله، تشفع لنا في الدنيا قبل الآخرة.. نبتغي حقن دمائنا، وأن ترفرف راية الاستقرار على بلداتنا، وأن نجد، فقط، قوت يومنا.
يا رب اغفر لنا ما فعله السفهاء منا.. سامحنا لأننا لم نأخذ على أيديهم، وتركناهم يعبثون، ويعيثون في أوطاننا فسادا، إرحم ضعفنا، وآنس وحشتنا، واستر عوراتنا.
إلهي تنهشنا المخالب، وتمزقنا الأنياب، ولا نقدر على دفع عدوان الأمم التي تداعت إلى قصعتنا، فادفع عنا ما نعاني، بدعوات الحجيج، الذين تركوا ديارهم وبلادهم، وأتوك لا هم لهم سوى رضوانك. اللهم استجب وتقبل، آمين.