ملاحظات على التغيير الحكومي
بداية هل تحتاج مصر لكل هذا العدد من الوزارات والوزراء، خاصة وأن معظم الدول الكبرى لا تزيد عدد الوزارات فيها على 15 وزارة، لهذا ظهرت فكرة دمج الوزارات وكانت فكرة الدمج قد ظهرت في عام 2000 بدمج وزارتي البترول والكهرباء، ولكن تم تأجيله بما كان يعكس ترددا في إصدار القرارات..
ولكن لا بد من عدم التسرع في إجراءات تنفيذ الدمج قبل وجود رؤية حقيقية للدولة في كل المجالات، يضعها خبراء متخصصون، بالإضافة لاختيار الأشخاص القادرين على تنفيذ هذه الرؤية؛ لأن مشكلة مصر لم ولن تكون فى تغيير الأشخاص؛ بل فى الأهداف والرؤى والسياسات، وحبذا لو كان الاختيار على معايير سياسية وليست تكنوقراطية الكوتة ومجاملات ومكافآت نهاية الخدمة.
ولهذا فإن معظم الدراسات -التي تناولت التشكيلات الوزارية- ترى أن يكون التقليص إلى 22 وزارة لتخفيف العبء على الحكومة، ومنع الصراعات والتضارب فى الاختصاصات. وربما يكون إلغاء وزارة التنمية المحلية، في المقدمة؛ لعدم وجود فروع لها بالمحافظات؛ الأمر الذي أفقد وزيرها السلطة على المحافظين..
وفي نفس الوقت ضرورة عودة وزارة الاقتصاد يتولاها وزير بدرجة نائب رئيس وزراء، مهمته التنسيق بين كل الهيئات والجهات والمجالس العليا، ويكون بمثابة (مايسترو) للاقتصاد القومي؛ خاصة مع انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية، فهذا هو التوقيت المناسب للدمج والإلغاء..
فمثلًا يمكن دمج الثقافة مع السياحة والآثار فى وزارة واحدة، والنقل مع الطيران والاتصالات، والتنمية المحلية مع الزراعة تحت مسمى الزراعة والتنمية الريفية، والتعليم العالي مع التربية والتعليم تحت مسمى التعليم، والهجرة مع الخارجية، والاستثمار مع الصناعة والتجارة وقطاع الأعمال تحت مسمى الاقتصاد..
والتعاون الدولى مع التخطيط، والبيئة مع الصحة، والتموين مع التضامن، والكهرباء والطاقة والبترول والثروة المعدنية فى وزارة واحدة تحت مسمى الطاقة مع إلغاء القوى العاملة، وتحويل الشباب إلى جهاز تابع لمجلس الوزراء، وضم جهاز المشروعات الصغيرة لوزارة الاقتصاد؛ خاصة أن رؤية مصر 2030 كانت تستهدف ذلك.
والملاحظ أننا أهملنا عنصر كان بالغ الأهمية وهو أن الوزارة التي ترحل تأتي بخطاب تكليف وخطاب التكليف يتحول إلى برنامج اسمه برنامج عمل الحكومة وبالتالي يجب ان يكون هناك كشف حساب، فيما أنجزت، وفيما فشلت.
ومن المفترض عندما يتم الاستلام من الدكتور مصطفى مدبولي في حكومته الأولى الحقائب لكي ننقلها لوزراء في حكومته الجديدة، يجب أن يكون الوزراء الجدد على علم بمدى تقييم والرضاء الشعبي والمجتمعي عن الذي تحقق، وما الأزمات التي واجهتهم لكي لا تقع الحكومة القادمة في ذات الخلل.
فنحن لدينا تقاعس شديد في عملية المسائلة ذات الأمد المستمر وهذه نقطة تحتاج إلى المعالجة. وهناك إلزام أن الحكومة بمجرد تشكيلها تعرض برنامجها على البرلمان، لأن الجهة الرقابية منصوص في الدستور أنها لها حق من ضمن الـ 5 حقوق، مسائلة ومراقبة السلطة التنفيذية والمتابعة في عملية التنفيذ.
وهذا ليس موجود ولهذا فإن هناك بعض الوزراء عندما رحلوا حزن عليهم المصريون، وهناك وزراء عندما بقوا بكى بسببهم المصريون. فلابد من وجود معيار نتفق عليه. فالقدرة على قيادة مشروع تنموي حقيقي أمر لن يرضي قطاع واسع من المواطنين لأنهم سيتحملون نتائجه، ولكن في أعقاب هذه الأعباء ندخل في مرحلة الراحة، لكن إذا كان هناك أعباء موجودة ولا يوجد منظور للراحة، فما سبب هذه الأعباء؟
ومن ضمن الأشياء التي تعتبر أزمة في تركيبة الحكومة القادمة أن الحكومة الراحلة غيرت في أسعار عدد من السلع المدعومة لكنها تقدمت للبرلمان بموازنة بأسعار ما قبل الزيادة، فبالتالي تمت الموافقة على نص لم تعد أرقامه مدققة ولا نستطيع المحاسبة عليها، للحاجة إلى أرقام جديدة، فقد أقرت موازنة ستقوم بتطبيقها حكومة لم تشارك في تحديد أولويتها ووزراء يأتون على حقائب تحدد لها مسبقا لمدة عام البرامج والخطط.