رئيس التحرير
عصام كامل

الحياة بالتقسيط

لاتزال تلك الإعلانات تطارد أحلام الناس طوال الوقت عبر كل المنصات (ليه تدفع أكتر طالما ممكن تدفع أقل) أو قسط براحتك دون فوائد أو إجراءات بنكية.. والنتيجة إنهيار صمود الإكتفاء في ظل إرتفاع الأسعار وتراجع قرارات الشراء، وهنا يكون فخ الشراء بالتقسيط وفي كثير من الأحيان ينقلب نظام التقسيط المريح من نظام مريح الي مشكلة قانونية، وبدلا من أن تفك كربة بنظام التقسيط ينتهي الأمر للبحث عن سبيل للنجاة من تلك المتاهة.. 

 

والأسوأ أن يتحول التقسيط إلى إدمان عند الزوجين، مما تترتب عليه ضغوط اقتصادية تفوق طاقاتهما، وقد تؤدي إلى إنهيار أحلامهما.
 

بعض المستهلكين يفرحون بشراء الجديد بالتقسيط وينسى أنه سيدفع ثمن هذه الفرحة باهظًا اذا لم يستطع التسديد، ولن يشفع له اغراءات الإعلان وتشويق الدعاية.

 

لقد تحول التقسيط من حل لمشكلة الحصول على منزل أو سيارة أو علاج أو زواج أو تذكرة سفر إلى دهاليز الترف وحب التباهي والتفاخر، فكانت النتيجة مطالبات قضائية وإفلاس وديون متراكمة.. والملاحظ أن ظاهرة الاقتراض تشكل حالة فريدة، فهي على العكس تمامًا من ثقافة الاقتراض الدارجة في الدول الأخرى التي يحكمها منطق الأولويات.. 

إذ يأتي اقتراض المصريين في الغالب للإنفاق على الرفاهيات والسلع الاستفزازية وربما تكون فخا من بعض البنوك لجذب أفراد الطبقات الدنيا خاصة بعدما لعبت التكنولوجيا عاملًا مهمًا في انتشارها عبر تطبيقات الشراء بالتقسيط.. 

الفقر والشراء بالتقسيط

وفي ظل التحول الرقمي في القطاعات المصرفية الذي سعى إلى تيسير طرق الحصول على القروض ببطاقات الهوية الشخصية، كما تعد بطاقات الائتمان بمثابة قرض قصير الأجل يمكن استخدامة خلال فترة محددة وان لم يتم تسديده قبل انتهاء فترة السماح يتم فرض معدل فائدة علي المبلغ المستحق للبطاقة والمصيبة في إيصالات الأمانة والشيكات..

 
وهذه الظاهرة ترتبط بشكل كبير بالنساء، لأن التاجر يشترط أن توقع زوجة المدين أو أمه على الإيصال لضمان السداد.. كما ترتبط هذه الظاهرة بالفقر والحاجة، والعادات الاجتماعية المتعلقة بالزواج.. 

وبعض النصوص القانونية المرتبطة بإيصال الأمانة والجهل بها، ولهذا فإن سجن النساء يضم بين جنباته حكايات كثيرة مريرة للغارمات اللاتي يبددن حياتهن بسبب أقساط أجبرتهم عليها الظروف الاقتصادية وفي سترة البنت لايقف الفقر حائلا أمام زواجها وطبعا كله بالاستدانة، وهناك عادات اجتماعية سلبية ضاغطة على البعد الاقتصادي، وتسهم في تصاعد الأزمة..


فعلي العروسة شراء المطبخ بمستلزمات وثمانية أطقم أطباق متنوعة و48 فوطة و24 طقم ملاءات للفراش وعشرة لحجرة الأبناء، وخمس بطاطين وثلاثة ألحفة وثلاثة غسالات واحدة أوتوماتيك وأخري نصف أوتوماتيك وثالثة للأطفال، وأشياء أخري كثيرة لامعني لها.. 

 

وفي هذا أكدت إحدى الدراسات بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن 70 في المائة من المصريين المقبلين علي الزواج، خاصة الشباب غير المقتدر، يتعاملون بأسلوب التقسيط، وأن حوالي 82 في المائة منهم مضطرين إلى ذلك، لآن ارتفاع التكاليف لا يقدم لهم أي بديل آخر، خاصة أن عروضه مغرية، وتشمل كل المستلزمات، بدءا من الشقة والأثاث إلى حفلات الزفاف وشبكة العروس وأيام العسل، التي تبارت في الإعلان عنها بعض الفنادق والقرى السياحية في الآونة الأخيرة..

 


وفي نفس الوقت كشفت الأبحاث أن 22 في المائة من حالات الطلاق في السنوات الأولى للزواج سببها الأعباء المالية التي تحملها الطرفان في إعداد عش الزوجية.

الجريدة الرسمية