لا تفرحوا بالأموال الساخنة!
يرى البعض أن الإقبال بدأ يعود على سندات الخزانة الدولارية التى تصدرها وزارة المالية في مصر ويتوقعون أن يزيد الإقبال أكثر مع اتجاه الفيدرالى الأمريكى تخفيض الفائدة هذا العام.. ولهؤلاء نقول لا تفرحوا بذلك وتعتبروه مؤشرا إيجابيا..
فنحن لدينا تجربة غير طيبة مع الأموال الساخنة عندما هجرتنا قبل عامين دفعة واحدة، فخسرنا بذلك أكثر من عشرين مليار دولار خرجت من السوق المصرى في غضون أيام، مما تسبب في الأزمة الدولارية التى عانينا منها طويلا ولم نبرأ منها بالكامل..
فالرهان على الأموال الساخنة يضر ولا يفيد لأنها قد يعرضنا لأزمة في النقد الأجنبي، وهذا هو الدرس الذى خرجنا به من تجربتنا معها كما قال وزير المالية في الحكومة المستقيلة.. فقد كانت تداعيات الاعتماد على الأموال الساخنة بعد تحرير سعر الصرف عام 2016 شديدة الوطأة علينا، مما اضطرنا إلى تعويم جديد للجنيه فقد فيه نصف قيمته وأدى إلى التهاب التضخم.
إن الاعتماد على الأموال الساخنة جعلنا لا نتجه إلى حل مشكلة الفجوة الدولارية حلا نهائيا، وهو الحل الذى دعا إليه الرئيس السيسى وهو ما كلفنا الكثير.. ولا ينبغى بعد أن وعينا الدرس كما قال وزير المالية في الحكومة المستقيلة أن نعود إلى الرهان على الأموال الساخنة مجددا.
نعم إن زيادة مواردنا من النقد الأجنبي يحتاج وقتا ليس بالقصير لأنه يحتاج زيادة إنتاجنا الوطنى بمعدلات كبيرة وبشكل مستدام، ولذلك ليس أمامنا الآن سوى تخفيض إنفاقنا من النقد الأجنبي ، ويتحقق ذلك بتخفيض وارداتنا من الخارج.. وهناك سلع مستوردة يمكننا الاستغناء عنها بعض الوقت ما دامت حاجة اقتصادنا تقتضى ذلك.
لذلك بدلا من أن نفرح بعودة تدفق الأموال الساخنة علينا مجددا يتعين بذل كل جهد لتخفيض وارداتنا من الخارج، وأن تقوم الحكومة بذلك، ولا تترك الأمر للبنك المركزى بعدم توفير النقد الأجنبى لتمويل استيراد بعض السلع، فهذا يشيع انطباعا في السوق أن لدينا نقصا في النقد الأجنبي، بينما إذا تولت الحكومة بنفسها أمر ترشيد الاستيراد من الخارج فسوف تعفى السوق من انتشار مثل هذا الانطباع، خاصة وأن الأسواق تحركها الثقة.