رئيس التحرير
عصام كامل

كلمة الحياة

أتحبني؟! ارع غنمي

الرب يسوع هو النور الذي يهدي القلوب التائهة، والنور الذي يضيء دروب الحياة، وعندما يفتح الإنسان قلبه للرب ويعترف بخطاياه، يجد في يسوع المخلص الذي يحمل عنه كل آلامه وذنوبه.

وكما قال الرب: «تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم» (متى 11: 28)، يصبح الإنسان جديدًا بالمسيح، يجد السلام الداخلي الذي لا يُضاهى، ويجد فيه السلام الذي ظل لفترات يبحث عنه ويفتش عنه في كل مكان.

 

ولكن المحبة للرب يسوع ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي أفعال تُظهر، وكما أوضح الرب بجلاء، عندما نفتش في إنجيل معلمنا يوحنا: «الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يُحبُّني»، وأيضًا «إن أحبني أحد يحفظ كلامي» (يو 14: 21، 23).

 

فالطاعة لكلام الله والعمل بوصاياه هي الدليل الحقيقي على محبتنا له، فلا يكفي أن نترنم بأجمل الترانيم أو نصوم ونصلي ونتاول من أسراره السمائية، إن لم تكن قلوبنا ممتلئة بحبه وأفعالنا نابعة من هذا الحب الصادق، وتُبرز في كل أفعالنا وأساليب حياتنا التي نحيا بها من أجل المسيح.

 

عند بحيرة طبرية، سأل الرب بطرس ثلاث مرات: «أ تُحبُّني؟». وعندما أجابه بطرس بالإيجاب، قال له الرب: «ارْعَ خِرافي.. ارْعَ غَنَمي»، هذا السؤال يتكرر لكل مؤمن فينا: كيف نُظهر محبتنا للرب؟، ولكن الإجابة واضحة في العناية بقطيعه.

 

فهناك مرحلة جميلة لا نشعر بها إلا عندما أن نهتم بغيرنا وأن ننسى الإهتمام بذاتنا وننتقل لمرحلة أكبر وأجمل وهي أن نهتم بغيرنا ولا يكفي أن ننظر لحالنا دون أن ننظر لغيرنا، أو ألا نفكر إلا في شيء واحد، وهو كيف نخدم غيرنا؟.

 

فالكتاب المقدس ينقل لنا ما قاله الرب واصفًا به نفسه عندما قال: «أنا أرعى غنمي وأُربضُها.. وأطلبُ الضال، واسترِدُّ المطرود، وأجبر الكسير، وأعصب الجريح» (حز 34: 15، 16)، وهذا هو المثل الأعلى لكل إنسان فينا، فالذي يسعى أن يكون مثل سيده، ينسى نفسه واحتياجاته، ويهتم بإخوته في الإيمان.

 

وربما من أكبر الأمثلة المعبرة عن خدمة الغير ونكران الذات، هو القديس العظيم الأنبا آبرام أسقف الفيوم والجيزة، والذي تحتفل كنيستنا القبطية الأرثوذكسية بذكرى نياحته يوم العاشر من يونيو من كل عام.

 

فهو عاش طوال حياته ناكرًا لذاته، ليس مهتمًا بما لنفسه، ولكن عاش واهبًا لكل ما لديه للناس دون تفكير، حتى غطاء النوم في الشتاء، عندما أتت سيدة فقيرة تخبره بأنها ليس لها ولأولادها ما يحميها من برد الشتاء، لم يتردد وأعطاها خاصته حتى تعولهم على برد الشتاء.

 

وعاش عمره لا يفكر في بناء أو تجهيز مقرًا فاخرًا له، حتى وأن كان أهل البلدة يتبرعون بكل الخامات والمستلزمات له، حتى أتذكر أنه قيل عنه في مرة، عندما أرادوا أن يبنوا مطرانية مجهزة لسيدنا، ابتسم وأخبرهم بأنه قد جهزها ولكن في السماء.

 

 

إن الحياة التي نعيشها في خدمة الآخرين هي الحياة التي تُكرِم الرب، وتُسعِد قلبه. فالاهتمام والرعاية لغيرنا هو التعبير الأسمى عن محبتنا للرب، وهكذا، ما أروع تلك الحياة التي نعيشها في ضوء محبة الرب، نحمل فيها رسالة السلام والمحبة للعالم، ونكون شهودًا لنعمته التي لا تنتهي.
للمتابعة على قناة التليجرام: @paulawagih

الجريدة الرسمية