رئيس التحرير
عصام كامل

الخوف من الفقد

في مشوار حياتنا نواجه مشاعر متنوعة تشكل دوافعنا وتوجه سلوكنا، ومن بينها يبقى الخوف أحد أكثرها تأثيرا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالخوف من الفقد.

ففي كثير من الأحيان، يدفعنا الخوف من فقدان شخص عزيز أو تجربة محببة إلى تجنب التعلق بها أساسا، وقتها نلجأ إلى بناء جدران عاطفية تحمينا من الشعور بالألم، دون إدراك أننا بذلك نسجن أنفسنا داخل قفص ذاتي بني على وهم.

 

يمكن ربط الخوف من الفقد بجذور نفسية عميقة غالبا ما تعود إلى تجارب سابقة من الفقدان أو الخذلان. فمن واجه في طفولته مثلا شعورا بالوحدة أو فقدان أحد الأحباء، قد يصبح أكثر عرضة للخوف من التعلق في علاقاته المستقبلية.

 

كذلك تلعب الظرف والبيئة دورا هاما في تعزيز أو تخفيف هذا الخوف، فالمجتمعات التي تقدر الاستقلالية وتقلل من قيمة العلاقات العاطفية، قد تساهم في تنمية شعور بالخوف من التعلق لدى أفرادها.

 

يلقي الخوف من الفقد بثقله على مختلف جوانب حياتنا، خاصة على علاقاتنا مع الآخرين، في أشكال عدة. منها:

التجنب العاطفي: نلجأ إلى تجنب التعبير عن مشاعرنا الحقيقية خوفا من الرفض أو الخذلان. 

 الخوف من الالتزام: نفضل العلاقات السطحية قصيرة الأمد، ونقاوم الدخول في علاقات عميقة ملزمة.                                              الصعوبة في الثقة: نواجه صعوبة في الثقة بالآخرين، ونصبح أكثر عرضة للشك والريبة.  

 الخوف من التغيير: نقاوم أي تغيير في حياتنا خوفا من فقدان ما لدينا.

 

كيف تحرر نفسك من سجن الخوف؟

الخوف من الفقد، على الرغم من قوته، ليس قدرا محتوما، فبإمكاننا تحرير أنفسنا من سجنه من خلال خطوات إيجابية:

التعرف على جذور الخوف: من خلال استكشاف تجاربنا السابقة، يمكننا فهم جذور خوفنا من الفقد ومعالجتها.

تغيير المعتقدات: علينا استبدال المعتقدات السلبية حول العلاقات، مثل كلما تعلقت أكثر، كلما تأذيت أكثر، بمعتقدات إيجابية، مثل العلاقات المحبة مصدر للسعادة والنمو.

 

ممارسة التسامح مع الذات: علينا تقبل أنفسنا بكل نقاط ضعفنا، والتعاطف مع مشاعرنا، بدلا من لوم أنفسنا على خوفنا.

التدرج في التعلق: يمكننا البدء بخطوات صغيرة في التعلق، مثل مشاركة مشاعرنا مع صديق مقرب، وبناء على ذلك، نوسع دائرة علاقاتنا تدريجيا.

العلاج النفسي: قد يساعدنا العلاج النفسي على معالجة مشاعر الخوف والقلق، وتطوير مهارات التعامل معها بفعالية.

 

 

صديقي، إن الخوف من الفقد شعور طبيعي، لكنه لا يجب أن يسيطر على حياتنا. بفهم جذوره وتغيير معتقداتنا وممارسة التسامح مع الذات، يمكننا تحرير أنفسنا من سجنه والانفتاح على تجارب عاطفية غنية ومثمرة.

الجريدة الرسمية