أن تحلم في غير حلمك
إنها مأساة أن تحلم في غير حلمك، من يزرع معها الأرض مشيا ليس أنت، من يمسك يدها إذ تعبر الطريق ليس أنت، من يملأ رئتيه من أنفاسها ليس أنت، من تحتضن رموشها عينيه ليس أنت، من يضبط المسافة بين خطوات قدميه على إيقاع نبضها ليس أنت..
في غير حلمك يا صديقي لن تكون أكثر من متفرج، بل قد تكون مجرد ورقة شجرة قذفتها الريح وأخطأت كتفها فسقطت على الأرض.. في غير حلمك يا صديقي ربما تكون الرصيف أو صوت كلاكس إحدى السيارات المارة، تصرخ فيسب الناس السائق المزعج..
في غير حلمك لن تكون أكثر من حفنة ماء تناثرت من بركة خلفتها الأمطار.. الزم حلمك يا صديقي وإن تقاطع معه أحلام الآخرين فلا تهتم وامض في طريقك إلى الضفة الأخرى من نهر الطريق..
حلم الليلة الفائتة
في كل صباح استيقظ في فراشي لأجد يدي ملطختين بالدماء، دماء ثقيلة أقرب إلى السواد من الحمرة. في المرة الأولى أصبت بنوبة هلع إذا اعتقدت أنها دمائي وأنني انزف، لكنني سرعان ما اكتشفت أنها لا تخصني، وبعد دقائق من التفكير اهتديت إلى أنها ربما تكون دماء حيوان اقتحم فراشي وأنا نائم.
ومع كل مرة تكرر فيها الأمر كنت أصحو مفزوعا، فأصرخ ثم سرعان ما أعي الأمر، حتى أنني اعتدته.
في الليلة قبل الماضية قررت ألا أنام، فقط سأدخل فراشي واتصنع النعاس، ولما فعلت ذلك ظللت للحظات مستيقظا إلى أن غلبني سلطان النوم فغفوت، ورأيت حلما عجيبا إذًا أتى جدي وهو يحمل بومة انقبض قلبي حال رؤيتها، وكلما حاولت الصراخ أو التحدث وجدتني غير قادر وكأني أخرس..
فاستل العجوز سكينا وذبح البومة فوق رأسي ثم خضب بها كفي وهو يردد، الآن ستتمكن من النطق، فاستيقظت وأنا أصرخ، والغريب حد الدهشة أنني وجدت يدي غارقة في الدماء تماما مثلما رأيت في الحلم.. كان حري بي الظن بأن ذاك لم يكن حلما بل واقعا، لكن جدي مات قبل أن أولد.
في الليلة الماضية أعدت الكرة، فتصنعت النوم لكنني نجحت فعلا في تحدي سلطان النوم ولم أنم، ومع ذلك رأيت جدي يقف وفي يده البومة والسكين، فقلت له إنني أعرفه..
أعرف أنه جدي وأعرف أنه مات منذ عشرات السنين، فأخبرني وهو يذبح الطائر ويخضب يدي بالدم، إنه بالفعل قد مات لكنه في العالم الآخر علم بأن الأموات المصابين باللعنة لابد وأن يعودوا للحياة في الجزء الأوسط من كل ليلة وذلك بأن يذبحوا طائرا ويغمسوا يدي أحد أقاربهم فيه.
فلما سألته لماذا اختارني أنا دون بقية أفراد العائلة قال إنني الوريث الشرعي لأبي الذي كان الوريث الشرعي له هو -أي جدي- وإن الإرث لا مفر منه فكما نرث المال والسيرة الطيبة نرث اللعنة.