أعظم دروس الحياة
كان ياما كان، تاجر طيب رزقه الله المال ولم يرزقه الولد إلا بعد سنين طويلة، وعندما شعر بقرب أجله، حرص على ضمان مستقبل ابنه، فجمع ثروته وخبأها في مكان سري، تاركًا له وصية تشرح مكان الكنز.
لكن تلك الوصية لم تكن عادية، بل تضمنت مفترق طرق بثلاثة مسارات، كل منها يستغرق عامًا واحدًا للوصول إلى الكنز. واجه الابن، بعد أن كبر، تحديًا صعبًا، إذ خشي من سلوك المسار الخاطئ، فظل حائرًا في مكانه لسنوات طويلة حتى صار كهلا.
وفي أحد الأيام، مر عليه شيخ حكيم، فسأله عن سبب وقوفه، فقص عليه الابن حكاية الوصية والمفترق، ابتسم الشيخ بعلمٍ وحكمة، وقال له: لقد أضعت عمرك خوفًا من الخطأ، كان حري بك أن تجرب أحد المسارات، فإذا لم يكن هو الصحيح، جربت مسارًا آخر. إن الفشل يا بني ليس أن تخفق، بل الفشل ألا تجرب وأن تخاف.
أعظم الدروس
تلك الكلمات ألهمت الابن، فقرر خوض التجربة، تاركًا وراءه مخاوفه وشكوكه. سلك أحد المسارات، وعاش رحلة مليئة بالتحديات والمغامرات، واكتسب خلالها خبراتٍ ومهاراتٍ جديدة. بعد عام كامل، وصل إلى نهاية المسار، ليجد أمامه كهفًا غامضًا. دخل الكهف بِقلبٍ خافق، وفجأة، لفت انتباهه ضوء خافت ينبعث من عمق الكهف. اقترب بِحذر، ليجد صندوقًا خشبيًا قديمًا، وعليه علامة مميزة مطابقة للعلامة التي ذكرها والده في الوصية.
فتح الصندوق بِإثارةٍ ولهفة، ليجد بداخله ثروةً هائلةً تفوق كل توقعاته. لكن الأهم من الثروة، هو الدرس العظيم الذي تعلمه من رحلته، وهو أن الخوف من الفشل هو أكبر عائقٍ يحول دون تحقيق الأحلام. لقد أدرك أن تجربة أي مسار، حتى لو كان خاطئًا، أفضل بكثير من البقاء في مكانه خوفًا من المجهول.
تُجسد قصتنا هذه حكمةً خالدةً، وهي أن الحياة مليئة بالتحديات والمخاطر، لكن الخوف من الفشل لا يجب أن يشلنا عن المضي قدمًا. فالمحاولة هي مفتاح النجاح، والتجربة هي مفتاح التعلم.. ولكن ماذا لو سلك الابن المسار الخطأ؟ هل يعني ذلك أنه فشل؟ كلا، لا يعني ذلك على الإطلاق. فكل تجربة، حتى لو كانت خاطئة، تُثري المعرفة وتُكسب الخبرة.
إن الفشل الحقيقي هو ألا تجرب، ألا تخاطر، ألا تثق بقدراتك وتسعى لتحقيق أحلامك.. فلنكن على قدر من الجرأة، ولنخوض التجارب، ولنخاطر بِإيمانٍ وثقة، ففي رحلة الحياة، تكمن أعظم الدروس وأثمن الكنوز.