رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

عادل إمام: أرفض أن أصبح وزيرا أو عضوا بالبرلمان!

وتتواصل حواراتي ومبارازاتي الصحفية المثيرة مع زعيم الفن العربي عادل إمام، والتي امتدت لسنوات طويلة وكانت تثير ردود أفعال إيجابية جدًا واسعة، ومازالت كذلك عندما بدأت في إعادة نشر أهم ما جاء في هذه الحوارات من آراء وتصريحات ومواقف للزعيم في الفن والحياة لم يسعد الحظ الأجيال الحالية من الشباب أن تتعرف عليها، لما لها من أهمية قصوى وخصوصية شديدة تجعلها صالحة للأجيال الحالية والمستقبلية. 


وفي مقال اليوم أعيد نشر بعض أجزاء واحد من أهم الحوارات في مشواري الصحفي وأكثرها إثارة للجدل، مع الفنان الكبير عادل إمام، لما تضمنه هذا الحوار من آراء جريئة وفي الصميم والذي نشر قبل 21 عامًا في الأيام الأخيرة لتصوير فيلمه الجديد آنذاك التحربة الدنماركية تأليف يوسف معاطي وإخراج علي إدريس.

التجربة الدنماركية

في البداية حاولت التعرف من الزعيم على الأسباب التي أغرته لقبول فيلم التجربة الدنماركية فأوضح: أولًا أنا أثق في كتابات يوسف معاطي واحترمها كثيرًا، لأن له أسلوبه الخاص جدًا في الكتابة الكوميدية الساخرة والتي غالبًا ما يكون لها أبعاد أخرى سياسية واجتماعية وهناك مساحة تفاهم كبيرة بيننا منذ تعاوننا لأول مرة قبل 5 سنوات في فيلم الواد محروس بتاع الوزير ومسرحية بودي جارد.. 

 

ثانيًا عندما قرأت الفيلم أعجبت به بشدة، لأنه جديد في موضوعه ويطرح قضايا ومشاكل وهموم الشباب بشكل مبتكر، ويركز بصفة أساسية على مشاكل وتجاوزات أبناء أحد الوزراء 'وزير الشباب'، وهو المطلوب منه أن يحل مشاكل شباب البلد كلها! في حين أنه لا يستطيع أن يجد حلولًا لمشاكل أولاده، رغم أنه رباهم على المباديء والصراحة المتبادلة بينه وبينهم.. 

 

كما أن الفيلم يطرح أيضًا موضوع مهم وحيوي وهو صراع الحضارات والثقافات بيننا وبين الغرب، في إطار عصري مختلف عما قدم من قبل في هذا السياق، نتيجة العلاقة التي تنشأ بين الوزير وأولاده والفتاة الدنماركية التي تظهر في حياتهم فتجذب إليها الأب وأولاده معًا!

 

المقارنة مع أحمد زكي وكمال الشناوي

وفي سؤال عن المقارنة مع النجوم الذين برعوا في تجسيد شخصية الوزير في السينما خاصةً كمال الشناوي وأحمد زكي أجاب الزعيم: أنا عمري ما فكرت في أحد وأنا ألعب شخصية معينة سبق تقديمها من قبل، المهم أن أقدم أعمالًا جيدة وناجحة، لا مقارنة أو منافسة من أي نوع مع أي فنان مهما كان!

 

وبالنسبة لشخصية الوزير قدري المنياوي فهي تختلف عن أي وزير ظهر على الشاشة شكلًا وموضوعًا، فهو شخص ناجح جدًا، صعد السلم الوظيفي بالتدريج وبالكفاءة دون أي اعتبارات أخرى، وهو شخص رياضي وأولاده مثله، يعيش معهم في تفاهم وصداقة جميلة، فجأة يوضع في مأزق حرج أمام أولاده الأربعة عندما يصبح وزيرًا للشباب، فيفاجأ بتغير أنماط حياتهم وأفكارهم وسلوكياتهم بشكل سلبي نتيجة وضعهم الجديد، فيرتكبون بعض التجاوزات وهو ما يرفضه بشدة ويحاول إصلاحهم وتقويمهم من جديد.


وعن موقف الرقابة من الفيلم الذي يتعرض لحياة وزير وتجاوزات أبنائه لأول مرة على شاشة السينما.. اعترف الزعيم بوجود بعض الخلافات والمشاكل مع الرقابة ولكنه أكد تفاءله بالوصول معها إلى صيغة تفاهم وتلاق قريبًا لا محال.

الوزارة والبرلمان ودور الفنان

وبدون مقدمات فاجئت الفنان عادل إمام بسؤال عن قراره لو عرض عليه فرضًا منصب الوزير أو الترشح لمجلس الشعب.. ورغم المفاجأة إلا أنه لم تبدو عليه علامات ذلك وأجاب سريعًا: أؤمن تمامًا بأن كل شخص خلق لشيء معين يصلح له، الفنان يجب أن يظل فنانًا يعبر عن مشاكل الجمهور وطموحاته وأحلامه ويحاول إسعاده، والسياسي له عمله في خدمة الناس وحل مشاكلهم وكذلك النائب في البرلمان.. 

 

ومن ثم أنا لا أحب الخلط بين المناصب والتخصصات والمجالات والأوراق، وأفضل أنا أظل فنانًا ناجحًا محبوبًا أسعد الناس وأرسم البسمة على وجوهم وأعبر عن مشاكلهم وشواغلهم، وأحاول التخفيف عنهم، على أن أصبح وزيرًا أو نائبًا بمجلس الشعب. 


وفي رأيك ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه الفنان في مثل هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي تمر بها أمتنا العربية؟

الفن والفنان لا ينفصلان أبدًا عن المجتمع والوطن في جميع الظروف التي يمران بها، لأنهما جزء مهم منه وفاعل، وعلى الفنان أن يوضح للناس بحكم تأثيره الفعال والمصداقية التي يتمتع بها حقيقة وأبعاد القضايا التي قد لا يدركونها جيدًا في قالب فني مبسط وسهل، وأن يكون له موقف واضح من الأحداث حوله التي تطال مجتمعه ووطنه وأمته، ولا ضير في أن يأخذ المبادرة كقائد في الميدان قد يعرض نفسه للمخاطر فهذا قدره ودوره.. 

 

 

واعتقد أنه في الظروف الراهنة يجب أن يحرص الفنان على انتقاء موضوعات جادة تكشف للشعوب العربية حقيقة الأوضاع التي نعيشها، وأن يحثهم على التفاعل مع قياداتهم من أجل تحقيق آمالهم وأن يشيع التفاؤل والأمل في مستقبل أفضل، أما ما حدث من غزو أمريكا للعراق، فلم أرى أو أسمع عنه في التاريخ الحديث بعد قيام منظمة الأمم المتحدة، وهو شيء محزن حقًا وغير مسبوق أن تغير دولة كبرى حكم وتاريخ دولة مستقلة بالقوة دون شرعية أو غطاء دولي!

وإلى اللقاء في المقال المقبل إن شاء الله لاستكمال هذا الحوار مع الفنان الكبير عادل إمام

الجريدة الرسمية