تعلموا التواضع من كلوب أعظم مدربي العالم!
كم أتمنى أن يلتفت إعلامنا الرياضى ومن ورائه الوسط الرياضى كله لتصرفات الكبار في الدوريات الأوروبية؛ فهذا هو الألماني يورجن كلوب مدرب ليفربول رغم ما قدمه من إنجازات مع ناديه الإنجليزى العريق، أعادته للأضواء والتتويج بعد سنوات من التراجع والإخفاق والغياب..
وهى إنجازات كان يمكنها أن تبقى يورجن كلوب ملكًا متوجًا على عرش جمهور النادى الإنجليزى الكبير وإدارته، لكنه لم يتشبث بالكرسى ولا تاجر بالإنجاز ولا استمرأ الاستمرار في تدريب ليفربول دون أن يقدم له جديدًا في الفكر والإدارة، فقرر الرحيل وهو في أوج تألقه..
ولم يكتف بذلك بل إنه في يوم رحيله ألقى كلمة بمناسبة تتويجه كأحسن مدرب في العالم اشتملت على عبارات معبرة أتمنى أن يفهمها شبابنا جيدا، وأن يركز إعلامنا الرياضى الضوء عليها لعلها تكون درسًا بليغًا لكل متوحد بالكرسي في اتحاد الكرة وفي الأندية بمناسبة وبغير مناسبة.
دروس يورجن كلوب
يقول يورجن كلوب: إن كرة القدم مجرد لعبة يستمتع بها الناس نهاية الأسبوع، لا شيء يمكن أن تضيفه غير هذا، ولن تحل مشاكل الفقراء واللاجئين، لن توقف حروبًا ولن تأتي بالديموقراطية، نتلقّى أموالًا كثيرة لننسي الناس في تعاستهم لتسعين دقيقة.. ندفعهم ليصرخوا ويهتفوا حتى يهدأوا ويتنفسوا عن جوفهم المضطرب.. نؤدي وظيفة فقط وعلى الناس العودة لحياتهم فور سماع صافرة الحكم، الحياة لا تتوقف على جلد مدوّر.
هذه دروس بليغة لكل متعصب لأي نادٍ أو لاعب، هذه دروس بليغة لكل لاعب مغرور أو مدرب يتعالى على اللاعبين ولا يحسن معاملتهم أو رئيس نادٍ يظن نفسه فوق القانون؛ كرة القدم شأنها شأن أي رياضة هي وسيلة للنهوض بالصحة البدنية، وهى وسيلة للترفيه عن الشعوب، وإمتاعهم وازجاء وقت فراغهم وليست غاية في ذاتها، تجلب التعصب والعداوة بين جماهير الأندية بعضها بعضًا.
أهم دروس يورجن كلوب هو الاكتفاء والزهد في النجاح وترك القيادة في ذروة العطاء حتى تحتفظ بمكانتك في قلوب المحبين والمشجعين، تترك الكرسي والمنصب قبل أن يتركك، ما أحوج كل مسئول ناجح أن يستلهم مسيرة يورجن كلوب، كيف صعد لقمة النجاح مع أندية عديدة أبرزها ليفربول..
لكنه لم يغتر ولم يتوحد مع الكرسي ولم يتحول إلى ديكتاتور مع لاعبيه، بل كان أبًا أو أخًا كبيرا يحوط لاعبيه بمودة صادقة وتقدير كبير يعزز ثقتهم بأنفسهم ويدفعهم لبذل أقصى ما يستطيعون داخل الملعب وخارجه حتى سطروا معًا أروع ملاحم البطولة والإنجاز..
كلنا في حاجة لاستلهام تجربة يورجن كلوب وروحه العالية سواء داخل المستطيل الأخضر أو خارجه وكيف صنع فريقًا ناجحًا من العدم وتركه فوق القمة ولولا بعض الأخطاء الصغيرة وسوء الحظ لحصد بطولة الدورى الإنجليزى.. لكنها كرة القدم التي لا تعرف المستحيل..
فهل تصل رسالة يورجن لملاعبنا وأنديتنا ومدربينا ولاعبينا واتحاد الكرة وكل عناصر المنظومة الرياضية، أن للإنجاز طريق واحد هو العمل والإخلاص والإصرار والروح الطيبة.. فهل نتعلم من تجارب الناجحين؟!