فرنسا تنقذ نفسها في غزة!
ليس مفاجئا أو غريبا أن يرفض بايدن وعدد من حكام الدول الغربية مثل رئيس حكومة بريطانيا ومستشار النمسا طلب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية وجالانت وزير الدفاع لارتكابهما جريمة الإبادةَ الجماعية..
فهذا أمر كان متوقعا في ظل دعم هذه الدول لإسرائيل في حربها الوحشية ضد أهل غزة.. لكن الملفت للانتباه هو موقف فرنسا التى دافعت عن المحكمة الدولية واستقلالها، وضرورة أن تُمارس دورها في إقرار القانون الدولى.. فهذا موقف تنسلخ به فرنسا من التحالف الغربى الداعم لإسرائيل في حربها ضد أهل غزة.
ربما يكون الموقف الفرنسي متأخرا لأنه يأتى بعد سقوط قرابة 36 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، و80 ألف جريح، وتدمير ثلاثة أرباع مبانى القطاع، وتضور معظم أهل غزة جوعا وتخريب كل مستشفياتهم.
ولكن هذا تغير جديد فى موقف فرنسا تجاه تلك الحرب الوحشية وتجاه إسرائيل، لتنضم إلى الدول الأوربية الرافضة للوحشية الإسرائيلية وفي مقدمتها إسبانيا التى اتخذت موقفا مبكرا مطالبا بوقف هذه الحرب.
والأغلب أن الموقف الفرنسي الجديد سيكون له تأثيره على موقف دول أوربية أخرى، نظرا لأنها مع ألمانيا لها دور بارز داخل مجموعة الدول الأوروبية.. والملاحظ أنه جاء بعد أن تزايدت الاحتجاجات الشعبية في الغرب ضد الحرب، والمطالبة بوقفها لإنقاذ أهل غزة من الإبادة الجماعية التى يتعرضون لها منذ السابع من أكتوبر الماضي.
أي أنه يأتى محصنا برفض شعبى غربى يتسع ويتزايد لما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين، يطالب بمحاسبتها وعقابها على جرائمها التى ترتكبها في غزة.
والملفت هنا للانتباه أن فرنسا اتخذت موقفها هذا رغم الدعم الأمريكى الكامل لنتياهو ووزير دفاعه، ورفض واشنطن ورفض صدور قرار قضائى دولى لاعتقالهما.. وبذلك قد تنهى فرنسا مرحلة من الانصياع لأمريكا في سياساتها ومن بينها الدعم السافر لإسرائيل بعد السابع من أكتوبر، وربما يفتح ذلك الباب لعودة فرنسا لانتهاج سياسات مستقلة عن أمريكا.