حرب بلا ضحايا
بدا الإخراج سيئا، وبدا أيضًا أن المشاهد لم ترُق للمشاهدين، واتضح من اللقطات المعروضة كبرومو للفيلم أن الحبكة لم تكن على نحو مثير، وظهر بجلاء أن الممثلين غير مقتنعين بما قدموه فجر الأحد الماضى، وأنه كان بالإمكان أفضل كثيرًا مما كان.
عن مشاهد الفيلم الإيرانى الصهيونى نحدثكم، وهى الأحداث التى اطلعنا عليها على الهواء مباشرة، وكان مطلوبا من الجميع تصديق الرواية رغم رداءة النص وسوء الإخراج وحالة المشخصاتية التى تبعث على الملل، فهذا هو العرض الحربى الأكثر ترتيبا فى التاريخ.
لم تعد الإدارة الأمريكية زاخرة بمخرجيها بعد أن خلت من حالة الخيال السياسى، وظهر على السطح أمثال ترامب وبايدن وقبلهما أوباما الذى جاء ولم يصل حتى رحيله إلى نقطة الخيال السياسى التى كانت فى عصور مضت ولم يكن القائم بدور البطولة فى طهران أكثر إقناعا بما جرى ويجرى، وأيضًا لم تكن الضحية الصهيونية على مستوى العمل السينمائى الممل.
أمريكا تعلن قبل الهجوم الإيرانى أن طهران تنوى الهجوم خلال عطلة الأسبوع ومن محاسن التدابير لا تنفى إيران حسب السيناريو الموضوع لها، أما الكيان الصهيونى فقد بدا أيضًا أنه ملتزم بما هو مكتوب فى الأوراق التى قدمها الغرب وأمريكا، وعلى الفور تستعد الآلة العسكرية الصهيونية ومعها الأمريكية، وبالطبع معهم التابع الذليل فى بريطانيا مع دعم فرنسى وغربى لمواجهة الألعاب النارية الإيرانية فى سماء الأرض المحتلة.
تنطلق المسيرات الإيرانية على الهواء مباشرة، وفى عواصم عربية، وفى بحار كانت عربية قديما، وفى عاصمة الشر الصهيونية تنتظر الدفاعات التى وضعت على إحداثيات معروفة لكافة الأطراف لتصد ما اتفقوا عليه قبل أن يطلقوه ذرا للرماد فى العيون الإيرانية أمام شعبها.
تقول إيران إنها لم تستهدف أية مصالح اقتصادية، وأن ردها انتهى، إلا إذا أراد الكيان المحتل غير ذلك، ويرد المتحدث باسم جيش الاحتلال بأن دفاعاته تصدت لـ99٪ مما أطلقته إيران إلا إصابة واحدة لطفل عربى.. أى والله حتى الإصابة تعرض لها طفل عربى.
أفلام أمريكية صهيونية
الأدوار المكتوبة للعواصم العربية كبيرها وصغيرها لم تكن مكتوبة بدقة ولم تكن تحمل حتى همسا شعبيا يدور فى شوارع العرب من بغداد إلى القاهرة ومن الرياض وحتى الجزائر.. كان النص الملزم للكافة منهم أن أدوارهم مجرد مجموعات تظهر فى الصورة كما القطيع الذى يكرره المخرجون فى الأفلام الحربية القديمة.
المشهد العربى لم ولن يدرك ما يحاك له فى نهاية هذا الفيلم.. أتصور أن الخلاف بين أبطال العملية على ما سوف يتم هضمه من العواصم العربية.. إيران تتموضع باعتبارها قوة إقليمية مهيمنة وأمريكا لا ترفض ذلك والكيان المحتل يعيد ترتيب أوراقه لتصوير آخر لقطات الفيلم الهابط، والعرب هم تورتة الحفل التى ستقطع وتوزع على الضيوف.
وتورتة العرب دسمة وحبلى بما لذ وطاب من خيرات الأرض وخيرات الموقع، وعلى هوامشها شعوب تعيش كما القطعان الشاردة لا نصيب لهم منها ولا فيها، وعلى رأس التورتة تيجان تدرك أنها بلا شرعية إلا من حماية المخرج الكبير فى البيت الأبيض الذى ينفرد بإنتاج الفيلم والسهرة، وهو وحده صاحب الحق فى توزيع التورتة.
مع كتابة النهاية سيدرك العرب أنهم مجرد زيت يحتاج إليه الغرب، وأنهم هم وحدهم الضحايا، وأن إيران لن تخسر كما لم تخسر من إخراج العراق من حضارته، وأنها ربما تكون الرابح الأكبر كما ربحت فى بغداد وفى دمشق وفى بيروت وفى أطراف سوريا.
العرب فى كل المعارك التى جرت وفى كل حالات التفكيك لدول كانت ولم تعد، كانوا مجرد بقرة حلوب لغير أهلها تدر لبنا لمن يتصوروا أنهم حماة وهم الأعداء فى التاريخ وفى المستقبل وفى كل تحرك، ولن يكون الفيلم الإيرانى الصهيونى هو الأخير، وإنما مجرد واحد من سلسلة أفلام أمريكية صهيونية، وصفحات الماضى تسجل والعرب كعادتهم لا يقرءون.