رد على الرد!
رغم معارضة أمريكا قررت إسرائيل أن ترد على الضربة الإيرانية التى هى بمثابة رد على إستهداف إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق.. وقال الإسرائيليون أنهم سيقومون برد سيلقى قبولا من أمريكا ولن يشعل في المنطقة حربا كبيرة..
بينما أعلنت إيران أنها سترد على إسرائيل إذا قامت بأى عمل عسكرى آخر ضدها وسيكون أكثر عنفا من ضربة الثلاثمائة صاروخ ومسيرة.. وهكذا المنطقة مرشحة لآن تشهد سلسلة من الردود المتبادلة بين إيران وإسرائيل لا يعرف بعد كيف تتوقف..
ويترتب على ذلك تهميش الحرب البشعة الدائرة الآن في غزة، وهذا ما سعى إليه نتنياهو طوال الوقت ليخفف الضغط العالمى على إسرائيل بسبب جرائم الإبادة الجماعية التى ارتكبتها القوات الاسرائيلية في غزة والتجويع الممنهج لأهالى غزة بعد حرمانهم من الغذاء والماء والخدمات الطبية والصحية.
ويأتى ذلك فى وقت حرج للإدارة الامريكية مع إقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الذى يحل بعد أشهر قليلة، ولذلك هى تسعى إلى تحجيم الرد الإسرائيلى على الضربة الإيرانية التى كانت بمثابة رد أصلا على إستهداف إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق إزاء إصرار إسرائيل على القيام بها، حتى لا تثير إستفزاز إيران وتدفعها للرد مجددا بضربة أقوى لإسرائيل كما هددت طهران بذلك.
لكن رغم رغبة طهران عدم خوض حرب واسعة في المنطقة لكن الأمر الآن تخطى نطاق الحكمة السياسية لآنه يتعلق بموقف استراتيجى يدور الآن حوله الصراع الإيرانى والإسرائيلي، وهو إحتكار إمتلاك قدرة الردع في المنطقة.. وهذا ما أفصح عنه بوضوح نتنياهو وهو يعلن أن إسرائيل لا يمكنها أن تسكت على الهجمة الإيرانية بلا رد.
غير أن نتنياهو يغفل هنا متعمدا أن إسرائيل لم تتمكن أساسا من مواجهة الضربة الإيرانية بدون مساعدة فاعلة ومؤثرة من قبل أمريكا ومعها بريطانيا وفرنسا أيضا، وهو ما كشف عجز إسرائيل عن الدفاع عن نفسها، ولعل ذلك ما تعانيه إسرائيل منذ السابع من أكتوبر ويفسر وحشية قواتها في حرب غزة.. فهى بالقتل والتدمير والإبادة الجماعية والتجويع الممنهج تحاول إسترداد القدرة على الردع التى تآكلت!