مستقبل الفن والدراما!
انتهى السباق الدرامي المتنافس على عقول وقلوب المشاهدين في رمضان.. ويحق لنا بعد أن وضعت المنافسة أوزارها أن نتساءل: هل ترضى النقابات الفنية بتنويعاتها المختلفة، والمعنيون بصناعة الفن والدراما بما وصل إليه حالهما في بلادنا.. هل ما تقدمه الدراما المصرية اليوم يرقى لمستوى الدراما في الزمن الجميل؟!
هل يمكن القول إن هناك قامات راسخة في التأليف والسيناريو يشار إليهم بالبنان، كما كان الحال من قبل مع الرائع أسامة أنور عكاشة وغيره من عباقرة الكتابة والتأليف، الذين سطروا بأفكارهم وأقلامهم روائع لا تزال تحيا في الوجدان الشعبى وتخلد في الذاكرة الشعبية؟!
البعض يرى أن ثمة ما يشبه العزوف أو المقاطعة لمسلسلات رمضان، وبالأحرى ندرة التعليق عليها فى مواقع التواصل الاجتماعي يقابلها انصراف الملايين وبالأخص الجيل الجديد إلى منافس قوى وهو الإنترنت التي تعرض صنوفًا جاذبة من مشارب شتى، من بينها دراما الواقع أو reels وstory على الفيسبوك أو فيديوهات التيك توك وصور الانستجرام التي يقدمها بشرٌ حقيقيون في حياتهم اليومية من طبخ وغسيل وصيد وماكياج..
الأمر الذى أعطى إيحاءً بأن الفن المصرى يتراجع عن عرشه لدرجة تهدد بسقوطه في طي النسيان بفعل عوامل عديدة، لعل أهمها ضعف الإنتاج وعدم تدخل الدولة فيه بصورة مباشرة، وترك الأمر للقطاع الخاص الذي يبحث عن الربح السريع دون تقدير ما قد ينجم من عواقب وخيمة، لكون الفن وسيلة سحرية في صياغة وتشكيل الشخصية المصرية، ناهيك عن قلة خبرة المخرجين وندرة مؤلفى السيناريو والحوار المحنكين بالدراما عموما، فضلًا على إنتشار التمثيل المبالغ فيه من قبل الممثلين أملا فى الوصول للشهرة الزائفة عبر واقعية ممجوجة.
ويبدو طبيعيًا في سياق كهذا أن تقع الدراما وصناعها في غواية ما يطلبه الجمهور لا ما ينفعه، وبينهما فارق شاسع؛ حتى بات الفن عموما وصناعته في مواجهة تحديات خطيرة، في فترة حرجة، يخوف البعض من أن تؤدى لاندثاره..
ما يقتضى بأهل الصناعة من نقابات فنية ونجوم وكتاب ومخرجين أن يتنادوا لإنقاذ مهنتهم عبر خطط واضحة تعود بالفن عمومًا، والدراما على وجه الخصوص إلى المنافسة مع الميديا الجديدة التى لن ترحمهم وستتركهم يعانون من البطالة والفاقة، وتترك الناس في متاهة التشويش ومحاولات الاستقطاب والتأثير وتشكيل وعى زائف بالتاريخ والهوية والمستقبل.. فهل تجد هذه الدعوة آذانا صاغية لدى المهتمين بصناعة الدراما والفن قبل فوات الأوان.. نتمنى!