المطرية.. سيمفونية إبداع بلا قائد! (1)
لا تزال رسائل الأمل والتفاؤل تتدفق كل يوم لتثبت أن روح المصريين وحكمتهم مخزون حضاري لا ينقطع.. فرغم الغلاء المستمر الذي يكاد يسحق الفقراء وما أكثرهم.. فإن إفطار المطرية مشهد يستحق الإعجاب حقًا.. ويستلزم التأمل.
فها هو حى شعبي يسكنه مواطنون ليسوا أثرياء بل ربما كان أكثرهم فقراء، لكن عطاءهم نموذج مدهش يرسم لوحة جميلة تعيدنا للزمن الجميل، الذي كان الفقير يجد متسعًا في قلوب القادرين فلم يكن يبيت جائعًا وجاره شبعان.. وتلك هي أبسط قواعد الإنسانية!
إفطار المطرية مشهد مدهش وإنجاز كبير نرجو أن تتعلم منه الحكومة دقة التنفيذ وروعة الإنجاز.. المشهد جماعي بامتياز لكنه إنجاز بلا قائد وهنا تكمن روعته الحقيقية، إنه بورتريه جميل رسمته قلوب صادقة لا تهوى الشو الإعلامى ولا تحب الظهور ولا الأضواء..
قلوب لا يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ولا حتى بما يفعلون، رغم أنهم يستحقون الإشادة والشكر معًا.. فقد قدموا صورة إنسانية مفعمة بالحب والتفاني والعطاء بلا حدود.
مائدة إفطار المطرية
أما عظمة المشهد فمردها أنهم بسطاء لم يمنعهم الغلاء من الجود بما عندهم ليرتقوا فوق صعوبات الحياة ويتنافسوا في توفير مستلزمات إفطار رمضاني، هو الأكبر مع قدرة فذة علي التنظيم بلا قائد تستطيع أن تنسب إليه هذا النجاح..
ثمة مجموعات تناغمت واجتمعت لهدف نبيل، لا يهمهم إلا أن يخرج المشهد معبرًا عن حس إنساني يفيض حبًا لعمل الخير ويذوب عشقًا لإنكار الذات.. ولا تكاد تلمح في تلك السيمفونية العظيمة متصدرًا واحدًا للمشهد تستطيع أن تنسب إليه مثل هذا الحدث الإنساني الرائع.. الكل ينضوى خلف الحدث ليظل هذا الحدث هو البطل الأوحد.
ربما لا تكون الأحوال المادية لأهالى عزبة خير الله صاحبة الإفطار الرمضاني الأكبر والأشهر ليس في مصر وحدها بل في العالم العربي والإسلامي، أفضل من أهالى التجمع الخامس مثلًا ولا مصر الجديدة ولا غيرها من الأحياء الراقية التي ستجد فيها حتمًا من يصنعون الخير بلا توقف..
لكن هذا الحرص الجماعي على تقديم مأدبة طعام للصائمين بهذا الحجم الكبير هي رسالة تقول بوضوح إن معادن المصريين لا تغيرها الظروف مهما تكن صعبة، وأنهم قادرون دائمًا على كتابة التاريخ في كل وقت وحين.. فهل وصلت رسائل المطرية لمن يعنيهم الأمل.. وللحديث بقية!