لا تسامح.. أعدهم غرباء
في حياتنا نواجه دوما خيارات صعبة، ونقع ضحية أخطاء قد تؤدي إلى جروح عميقة، ونواجه سؤالا ملحا: هل من الصواب أن نمنح الآخرين فرصة ثانية؟ إذا كنت من فاقدي نعمة الصبر فأقول لك الخلاصة: إن منح فرصة ثانية قد يكون خطأ فادحا في بعض الأحيان.. قد يؤدي إلى كوارث وجرائم على المدى البعيد.
الخطأ المتعمد هو جريمة مكتملة الأركان، أو بلغة القضاء: جريمة مع سبق الإصرار والترصد.. لأنه يشير إلى استهتار الشخص بمشاعرك وقيمك. فمن يخطئ عن قصد يظهر عدم احترامه لنفسه وللآخرين، ويؤدي ذلك إلى فقدان الثقة والاحترام.
إن تكرار الخطأ سلوك إجرامي بامتياز، لأنه يؤدي إلى ترسيخ سلوكيات خاطئة وتصبح جزءا من شخصية الشخص. فمن يخطئ مرة يصبح أكثر انفتاحا على الخطأ مرة ثانية وثالثة، مما يؤدي إلى تدمير العلاقات الإنسانية على اختلافها.
سامح لكن لا تأمن ولو منحوك الذهب.. لا يعني ذلك أننا يجب أن نحرم أنفسنا من نعمة الغفران. فغفران أخطاء الآخرين يؤدي إلى الشعور بالراحة والسلام الداخلي. لكن، يجب أن ندرك أن الغفران لا يعني العودة إلى ما كان. فمن أخطأ مرة عن قصد لا يجب أن نعطي له فرصة ثانية ليكرر خطأه.. وكما قال الأجداد اللي اتكسر عمره ما يتصلح.
يجب على الشخص الذي أخطأ أن يقر بخطئه أولا ويتحمل مسؤوليته. فذلك يؤدي إلى شعوره بالندم والرغبة في التغيير.. وهذه أول مراحل الشفاء والتعافي والتوبة من جريمة الخطأ المتعمد في حق الناس.
وهنا يجب علينا التفريق بين أخطاء متعمدة لا يستحق أصحابها الفرصة الثانية، وأخطاء غير متعمدة. مثلا: لخيانة، الكذب، الغش، الإيذاء الجسدي أو النفسي، هي أخطاء لا يمكن التسامح فيها.. أما الأخطاء التي تستحق فرصة ثانية فهي غير المتعمدة، تلك الناتجة عن نقص الخبرة أو المعرفة.
الخلاصة: إن الفرصة الثانية هي أسوأ ما يمكن أن ترتكبه من جرم في حق نفسك، إجعل المرة الأولى هي الأخيرة أيضا، فمن أخطأ مرة متعمدا سيعاود الخطأ مرة ثانية وثالثة.. سامح وإغفر لكن لا تعد كما كنت.. أعدهم غرباء.