حليم الفنان الذي لا يتكرر!
قبل 47 عامًا وتحديدًا في 30 مارس 1977، رحل الفنان عبد الحليم حافظ الحاضر الغائب في وجدان الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، فلا تزال أغانيه تتربع على عرش الغناء، يستمع إليها الجمهور من كل الأعمار بشغف وحب، يتفاعلون معها وكأنها صُنعت خصيصًا لأجلهم، تخاطب مشاعرهم، وتتعايش مع أحلامهم وآلامهم.
برع حليم في كل أنواع الأغاني، عاطفية ووطنية ودينية.. ومن ينسى أغنيته صافيني مرة، وإحنا كنا فين، وعلى قد الشوق، وتوبة، ويا خلي القلب، وفي يوم في شهر في سنة، وموعود، ولقاء، ورسالة من تحت الماء، وحبيبها، وقارئة الفنجان، وجانا الهوى، وحبيبتي من تكون، وحلو وكداب..
ومن الأغاني الوطنية.. العهد جديد، وإحنا الشعب، وعلى أرضها، وابنك يقولك يا بطل، وحكاية شعب، وصورة، وعدى النهار، وأحلف بسماها، والبندقية إتكلمت، والنجمة مالت على القمر، وغيرها من أغانٍ صنعت الخلود في وجدان الجماهير التي أحبت العندليب الأسمر وصدمت بنبأ رحيله، فخرج أكثر من 2.5 مليون شخص ليشاركوا في جنازته، لوداع جثمانه في مشهد مهيب يعكس المكانة الكبيرة التي حفرها حليم في قلوب المحبين.
حكاية العندليب الأسمر
ورغم أن حليم رحل في ريعان شبابه عن عمر يناهز 47 عامًا بعد إصابته بتليف في الكبد بسبب مرض البلهارسيا ؛ فإنه ترك تراثًا هائلًا من الأعمال الفنية بين غناء وتمثيل وتلحين وتدريس لمادة الموسيقى؛ حيث صعد سلم المجد درجة درجة منذ تخرج في قسم التلحين عام 1948..
ثم عمل أربع سنوات مدرسًا للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق وأخيرا القاهرة، ثم قدم استقالته من التدريس والتحق بعدها بفرقه الإذاعة الموسيقية عازفا على آله الأوبوا، حتى إلتقى صديق عمره مجدى العمروسى في 1951 ليكتشفه الإذاعى الكبير حافظ عبدالوهاب الذي أخذ اسم شهرته منه وتمت إجازته في الإذاعة في 1952.
حليم عرف بذكائه وعلاقاته المتشعبة مع مبدعي عصره، فإلى جانب الفنانين كانت له روابط مميزة مع السياسيين وعلاقات خاصة مع الصحفيين والإعلاميين وصداقات مع الكتاب والشعراء، حتى ذاع صيته وتعددت نجاحاته وبدأ كبار الملحنين ومشاهير الشعراء يطلبون وده ويتقربون منه..
حتي أنتجوا معه أعذب الأغاني وأشجي الكلمات، حتي وصل صيته الي الوطن العربي وأصبح هو المطرب الأوحد الذي تربع علي عرش الأغنية الرومانسية والعاطفية والوطنية أيضا مما دعا الصحفي جليل البندراي أن يطلق عليه لقب العندليب الأسمر.
حليم قام ببطولة كثير من الأفلام منها لحن الوفاء وكان أول أفلامه، وأيامنا الحلوة، ليالي الحب، أيام وليالي، موعد غرام، دليلة، بنات اليوم، فتى أحلامي، شارع الحب، حكاية حب، البنات والصيف، يوم من عمري، الخطايا، معبودة الجماهير، أبي فوق الشجرة.
ورغم كل هذه السنوات فلا يزال حليم متربعًا على عرش الفن والقلوب بقاموس غنائي رومانسي وسينما رومانسية تنهض على فكرة البطل النقي الذي يتعذب لتتماهى معه أجيال وأجيال عشقت أغانيه واستقبلت بها عذب الحب والذكريات..
فهل جاء بعده فنان نجح في ملء فراغه أو يحظى بما حظى به العندليب من شهرة ومكانة وتأثير.. إجابة السؤال أتركها لفطنتك عزيزي القارئ!
رحم الله حليم الذي توجع كثيرا من المرض الذي أصابه ولم يكن هناك علاج ناجح له في هذا الوقت.. ولكن رغم المرض اللعين فإن حليم لم يتوقف عن الغناء والإبداع حتي آخر دقيقة من عمره.