لماذا يجب أن نتصدق؟!
هل سألت نفسك يومًا: لماذا كثر الفقراء والمعدمون والمحرومون.. وقلّت البركة وزاد الغلاء والوباء في مجتمعاتنا؟! والجواب: إبحث عن شح الأغنياء وبخل الأثرياء وامتناعهم عن الإنفاق على الفقراء.. فما جاع فقيرٌ إلا ببخل غنى.. ومن ثم فإن الصدقة تعلو منزلتها عند الله تعالى.. وأكثر من يستفيد بالصدقة هو المتصدق نفسه؛ فالله تعالى يخلف عليه ماله ويضاعف له رزقه. ويكفى أن تصيبه دعوة ملك كريم ينادى كل يوم "اللهم أعط منفقًا خلفًا.. الله أعط ممسكًا تلفًا".
ولا عجب والحال هكذا أن تتوالى آيات القرآن تحث على الإنفاق والتصدق.. يقول الله تعالى “وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ” (المنافقون: 10).
لماذا الصدقة على هذا القدر من الأهمية؟!
ذلك أن النفس الإنسانية طبعت على الشح والبخل وحب المال والشهوات.. يقول الله تعالى "وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ".. ويقول الله تعالى "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا"..
فإذا كان ذلك كذلك فإن أفضل الصدقة ما كانت في أيام صعبة كالتي نعيشها اليوم من ظروف اقتصادية صعبة وارتفاع في الأسعار واحتكار وجشع من التجار وضعف الرقابة على الأسواق.. وما أكثر المحتاجين في زماننا الذين جعل الله لهم نصيبا معلوما في أموال الأغنياء والقادرين؛ من الزكاة والصدقات..
فأنفق ولا تخش الفقر فخزائن الله ملأى لا تنفد.. فإذا أردت الشفاء فتصدق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "داووا مرضاكم بالصدقة" وإذا أردت تحصين مالك فعليك بإخراج الزكاة، وحصنوا أموالكم بالزكاة.. فإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله إلى قلب مسلم.. فتصدق ولو بابتسامة حقيقية في وجه مكلوم أو محزون وما أكثرهم في زماننا!
وظنى أن البشرية ما شقيت إلا لأنها نسيت الفقراء في سعيها المحموم وراء المال والثراء.. ولو أن الأغنياء عرفوا الدور الاجتماعي لرأس المال فأدوه ما وجدنا فقرًا مدقعًا، ولا مشردين لا مأوى لهم.. فما قيمة أن تعيش منعمًا في مجتمع يشقى فقراؤه بشظف العيش.. فهل يمكن أن تأمن على نفسك ومالك بينما هناك من يحقدون على غناك ويسخطون على قلة ما في أيديهم.
الصدقات علاج سحري لأمراض اجتماعية وطبقية يغفل عنها كثير من أصحاب الأموال في زماننا؛ الذين جبلت نفوسهم على حب المال والسعي إلى كنزه، فمن أنفق ماله وخالف ما جُبِل عليه، كان ذلك برهان إيمانه وصحة يقينه، وفي ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والصدقة برهان) أي: برهان على صحة إيمان العبد، هذا إذا نوى بها وجه الله، ولم يقصد بها رياء ولا سمعة.. فهل تبادر بالصدقات وأنت تملكها قبل أن تتمنى أن تعود للدنيا بعد موتك لتتصدق.. ثم لا تستطيع؟!