معادن البشر!
حقًا.. الناس معادن، منهم النفيس الغالى الذي تصهره الظروف والمواقف فيزداد بريقه ولمعانه، ومنهم الرديء الذي لا يصمد فيتساقط كأوراق الخريف؛ وفي العلاقات الإنسانية قانون مهم "من يسقط من النظر لا يرتفع مهما عمل".
وفي الحديث النبوى الشريف يقول رسولنا الكريم: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف".
الناس معادن.. تصدأ بالملل، وتتمدد بالأمل، وتنكمش بالألم. ومن أسف أن بعض الناس أشبه بالإسفنج؛ لا تأخذ منهم إلا بمقدار ما امتصوه منك.. وهم يلتفون حولك طالما كنت نافعًا لهم؛ فإذا ما انتفت المصلحة وذهبت الحاجة انصرفوا عنك كأن لم تكن بينك وبينهم مودة أبدًا..
وهؤلاء يصدق عليهم قول القائل: "رأيت الناس قد ذهبوا إلى ما عنده ذهب، ومن ليس عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا".. وقول القائل: "رأيت الناس منفضة إلى من عنده فضة، ومن ليس عنده فضة فعنه الناس منفضّة".
تجارب الحياة
في العلاقات الإنسانية قانون مهم من يسقط من النظر لا يرتفع مهما عمل. والثقة كالزجاج إن تكسرت لا تلتئم أبدًا.. فاحذر أن تخدعك المظاهر فليس كل ما يلمع ذهبًا؛ فالبشر مثل الكُتب، منهم من يخدعنا بالغِلاف، ومنهم من يُدْهشنا بالمحتوى.
فاحذر أن تخدعك المظاهر فليس كل ما يلمع ذهبًا؛ فالبشر مثل الكُتب، منهم من يخدعنا بالغِلاف أو بالكلام المعسول والوعود الزائفة، ومنهم من يُدْهشنا بالمحتوى، أي يدهشنا بإخلاصه وأمانته وصدق إحساسه ومودته، لا تغيره الظروف ولا تحرفه المصالح والنزعات والنزوات..
وفي النهاية الحياة تجارب تمنحك القدرة على الحكم على الأشخاص والعلاقات، والمواقف وحدها خريف العلاقات، يسقط منها الآيل للسقوط والذابل، ويبقى القوى المتماسك وكما لا يمكنك أن ترى النجوم إلا في الظلام كذلك هم الأشخاص في حياتنا لا تظهر معادنهم إلا في الشدّة..
والعِشرة وحدها كاشفة للغث من السمين.. وفي الأمثال يقولون "تعرف فلان: آه..عاشرته: لا.. يبقى ما تعرفوش".. ولله درُّ القائل:
لا تَـأْتَـمِـنْ أحــدًا حـتَّى تــجربَــهُ.. فأكْثَرُ النَّاس شَــــوكٌ ما بهم ثَـمَرُ
كلامُهُم عَســـــلٌ كم غرّ مســــتَمِعًا.. وفِعلُهـمْ بَصَــلٌ مِنْـهُ بَكَـى البَصرُ
فتخيّر أصدقاءك؛ فالمرء على دين خليله، فلينظر أحدهم من يخالل ويختار.. والصديق على شاكلة صديقه فانظر من يصدقك ويكون مرآتك لا من يجاريك ليغتنم منك مغنمًا فإذا انعدمت المغانم أدار لك ظهره وتنكر لصداقتك.