الفن وسنينه
أنف وثلاث عيون استنساخ غير موفق لفيلم ناجح؟!
تعرضنا في مقال سابق منذ فترة ليست ببعيدة لظاهرة قديمة جديدة أخرى من نوعية تكرار أسماء الأفلام في أعمال أخرى التي تناولناها مؤخرًا، ألا وهي ظاهرة إعادة تقديم الأفلام القديمة الناجحة في أعمال سينمائية جديدة في محاولة لاستنساخ نجاح هذه الأعمال ومغازلة شهرتها ونجومية أبطالها، ولكن هيهات فقد رصدنا فشل معظم هذه الأفلام في تحقيق النجاح المرجو على المستويين الفني النقدي وشباك التذاكر، والأمثلة على ذلك عديدة سنسوق أشهرها لاحقًا..
وخلصنا إلى أن أسباب عدم التوفيق الذي لازم هذه الأفلام عديدة ومتشعبة، ولكن من أهمها التباين الكبير بين حجم كتاب ومخرجي الأعمال القديمة مقارنةً بنظرائهم من كتاب ومخرجي الجديدة منها، كذلك قيمة وموهبة أبطال هذه الأفلام في مواجهة أبطال الأعمال المعادة، هذا فضلًا عن اختلاف الظروف والأزمنة وأذواق الجماهير والتي بالتأكيد كانت في صالح الأعمال الأصلية الأولى، فالأصلي غالبًا ما يكسب ويتفوق مهما حدث ومهما حاول البعض إثبات عكس ذلك!
أمثلة شهيرة
ومن أبرز الأمثلة على تلك الظاهرة.. آه من حواء للبنى عبد العزيز ورشدي أباظة والذي أعيد تقديمه في أكثر من عمل منها استاكوزا لرغدة وأحمد زكي، الطريق لرشدي أباظة أعيد تحت اسم وصمة عار لنور الشريف، بائعة الخبز بطولة أمينة رزق تحول إلى الجنة تحت قدميها بطولة فردوس عبدالحميد، سمارة لتحية كاريوكا صار نواعم لشهيرة..
المرأة المجهولة أحد أهم أدوار الرائعة شادية قدمته شهيرة أيضًا في فيلم لم يسمع عنها الكثيرون بعنوان وضاع العمر يا ولدي!. ومن الأمثلة الحديثة فيلم الـ 5 جنيه لمحسن سرحان إنتاج 1946 والذي أعيد تقديمه من جديد عام 2021 في فيلم 200 جنيه بطولة مجموعة من النجوم منهم أحمد السقا وليلى علوي وإسعاد يونس وهاني رمزي ورغم ذلك لم يحصد النجاح المنتظر؟!
أنف وثلاث عيون
أما أحدث الأمثلة على ظاهرة إعادة تقديم الأفلام القديمة الناجحة فهو أنف وثلاث عيون المعروض حاليًا بدور العرض والمأخوذ عن رواية للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، سيناريو وحوار وائل حمدي وإخراج آمير رمسيس، بطولة التونسي ظافر العابدين مع الأردنية صبا مبارك وسلمى أبو ضيف وصدقي صخر وجيهان الشماشرجي وضيفة الشرف آمينة خليل.
وهو محاولة لاستنساخ نجاح الفيلم الأول الذي طرح عام 1972، للنجوم الكبار ماجدة ومحمود ياسين ونجلاء فتحي وميرفت آمين وصلاح منصور وحمدي أحمد ويالها من مقارنة صعبة وظالمة بين العملين!
أنف وثلاث عيون 2024 حاول أن يقترب أكثر من الرواية الأصلية مقارنةً بالفيلم الأول، بالتركيز بصورة أوضح على شخصية البطل الدكتور هاشم، عكس الفيلم الأول الذي منح المساحة والتركيز الأكبر لشخصية آمينة - ماجدة التي قامت بإنتاج الفيلم!
وقام مؤلف الفيلم بتحليل شخصية البطل وأسباب تعدد علاقاته النسائية لكونه يعاني من فقد أمه في سن صغيرة ولهذا يتخيل أمه في كل امرأة يعرفها، وذاكرته لا تنسى مدى تعلق والده بوالدته ومحاولته الانتحار بعد وفاتها! ولكنه لا يستسيغ ذلك وسرعان ما ينهي علاقته بها ويصل إلى سن ال 46، ولا يتزوج كما أنه يعاني من كابوس دائم يشاهد فيه رجل يحمل مسدسًا دون إظهار وجهه، فيقرر اللجوء للعلاج النفسي مع الطبيبة عاليا - صبا مبارك، والتي لم تكن موجودة في الرواية الأصلية ولا الفيلم الأول، وتتوالى الأحداث.
الأصلي يكسب
كما ذكرنا وأكدنا من قبل على أن المقارنة بين الفيلمين ظالمة ولا تجوز لأسباب عديدة خاصةً زمن العملين ونظرة المجتمع والرقابة ومدى الحرية التي تعطيها لصناع السينما، وهي في صالح العمل الأول بكل تأكيد، ولكن هذا لا يمنع من أن أنف وثلاث عيون ماركة 2024 أقل في المستوى بشكل عام من نظيره ماركة 1972..
الذي كان أكثر حبكةً وتماسكًا وجرأةً في طرح العلاقة بين الرجل الذي يرفض الزواج حتى تخطى الأربعين من عمره وبين ثلاثة نماذج متباينة من النساء، فهو بمثابة الأنف التي تستمتع بشم روائح ثلاث عيون، واحدة تمثل العقل وأخرى الغريزة والثالثة القلب، وهذا لم يكن واضحًا بدرجة كافية في الفيلم الجديد!
ورغم ذلك جاء سيناريو وحوار هذا العمل نسخة 2024 معقولًا ومقبولًا للمؤلف وائل حمدي، ونفس الحال بالنسبة للمخرج آمير رمسيس الذي يؤكد أن فيلمه لا علاقة له بالفيلم القديم وأنه طرح جديد للرواية الأصلية؟!
أما عن أداء الممثلين فكان عاديًا لا ابتكار فيه وإن تميزت الفنانة الشابة سلمى أبو ضيف في دور رحاب أو روبا الفتاة الصغيرة التي تقع في حب الدكتور هاشم وهو يتردد في هذه العلاقة طوال الوقت، وكانت المفاجأة غناءها لرائعة عبد الحليم حافظ 'بيني وبينك إيه' بشكل جيد وهي الحسنة الأكبر في الفيلم، رغم قلة الحسنات والإيجابيات به!
وكذلك كان الظهور الشرفي لأمينة خليل جيدًا ومؤثرًا خاصةً في مشهد اعترافها لهاشم بأنها تزوجت عرفيًا من رجل ثري كبير في السن من أجل انتشالها وعائلتها المعدمة من الفقر والعوز.
أخيرًا لعل ضعف إيرادات الفيلم والتي لم تصل إلى 2 مليون جنيه رغم مرور 27 يومًا على عرضه لمؤشر ودليل على عدم تقبل الجمهور لفكرة إعادة الأفلام القديمة من جديد.