لكنه كل ما يملك
في زمن طغى فيه حب الذات وباتت الأنانية سلوكا معتادا، أعتقد أننا نحتاج إلى إعادة تعريف معنى العطاء، ونرى أنفسنا في مرآة بائع البرتقال المصري ذلك الرجل البسيط، الذي أذهل العالم بكرمه وتضحيته.
في أحد الشوارع، وقف بائع البرتقال عم ربيع يراقب شاحنة المساعدات المتجهة إلى أهالي قطاع غزة. وفجأة، دون تردد، راح يمطر تلك السيارات بثمار البرتقال، تلك الثمار التي يبيعها لكسب قوت يومه.
لم يكن عم ربيع يملك الكثير، فكل ما كان يملكه هو كميات قليلة من البرتقال. لكنه أدرك أن هناك من هم بحاجة أكثر منه، فقدم لهم ما يملك، حتى لو كان ذلك كل ما يملك.
العطاء ليس مجرد أرقام
قد يظن البعض أن العطاء مرتبط بحجم المبالغ المدفوعة أو قيمة الهدايا المقدمة. لكن عم ربيع علمنا أن العطاء الحقيقي هو عطاء القيم، عطاء المشاعر، عطاء ما نملك، حتى لو كان قليلا.
نعم في زحمة الحياة، يظن البعض أن العطاء حكرا على أصحاب الثروات والنفوذ، وأنه لا يمكن للمرء أن يقدم مساعدة حقيقية إلا إذا كان يملك الكثير. لكن الحقيقة تخالف ذلك تماما، فالعطاء ينبع من القلب، ولا يقاس بحجم ما نقدمه، بل بقدر ما نقدمه قياسا إلى حجم ما نملك.
القيمة الحقيقية للعطاء
تكمن القيمة الحقيقية للعطاء في الشعور بالرضا والسعادة الذي ينتابنا عندما نساعد الآخرين خصوصا لو كانوا منا وكنا منهم. ففي لحظة العطاء، نرتقي بأنفسنا ونسعد ونشعر بقيمة وجودنا.
لغة عالمية تفوق حدود اللغات والثقافات
وقد تسأل: لماذا انتشر فيديو عم ربيع على هذا النطاق الواسع؟ والإجابة ببساطة هي أن العطاء لا يتطلب لغة منطوقة، بل يكفي أن تعبر عنه بلسان الحال، بيد تمد العون، بكلمة طيبة، بابتسامة دافئة، بمشاركة بسيطة تنعش روح المحتاج وتسعد قلبه.
لنكن بائعي برتقال
دعونا نقتدي ب عم ربيع ونكون بائعي برتقال، نبذل ما في وسعنا لنشر السعادة والخير، ونقدم ما نملك، حتى لو كان قليلا، لندرك أن العطاء الحقيقي هو عطاء القيم، عطاء المشاعر، عطاء ما نملك.
وليس عم ربيع وحده، فصفحات التاريخ تزخر بقصص ملهمة عن العطاء، قصص تؤكد على أن العطاء ليس حكرا على أصحاب الثروات والنفوذ، بل هو شعور ينبع من القلب، لا يقاس بحجم ما نقدمه، بل بقدر ما نقدمه قياسا إلى حجم ما نملك.