رئيس التحرير
عصام كامل

بالطو وشهادة وفاة

كانت خطواتي تُخلق صدىً مُرعبًا في الشارع المُظلم، هواءٌ باردٌ يُلامسُ وجهي، وضوءُ القمرِ الخافتُ يُلقي بظلالٍ مُتشابكةٍ على الأرض. وفجأةً، لفت انتباهي معطفٌ أسودُ أو كما يسميه الناس بالطو أسود يتحركُ بمحاذاتي، خالٍ من أيِّ جسدٍ داخله.

حيرةٌ وخوف

فركتُ عينيّ باندهاشٍ، ظننتُ أنّني أُهذي، لكنّ البالطو استمرَّ في سيرهِ دون أيِّ تفسير. ازدادَ خوفي مع ازديادِ عددِ الملابسِ الفارغةِ التي تُحيطُ بي، قمصانٌ وبناطيلٌ وأحذيةٌ تتحركُ دونَ أصحابٍ، وكأنَّها أشباحٌ من عالمٍ آخر.

نباحٌ هستيري

سمعتُ نباحَ الكلابِ في البُعدِ، نباحٌ هستيريٌّ يُعبّرُ عن خوفٍ عظيمٍ، وكأنَّها تُحذّرُني من شيءٍ مُخيفٍ. ازدادَت سرعةُ خطواتي، وقررتُ العودةَ إلى المنزلِ بأسرعِ وقتٍ مُمكن.

منزلٌ خالٍ من الأهل

وصلتُ إلى المنزلِ، وفتحتُ البابَ بلهفةٍ، لكنَّ ما رأيتُهُ أصابني بالرعبِ، فلم يكنْ هناكَ أحدٌ في المنزلِ سوى الملابسِ الفارغةِ. ملابسُ أمي وأبي وأختي، كلُّها تتحركُ هنا وهناكَ، بعضُها يجلسُ على الأريكةِ ويشاهدُ التلفازَ، وآخرُ يُصدرُ ضجيجًا في المطبخِ. وفِي وسطِ هذا الفوضى، كانَ قطُّنا الصغيرُ يموءُ بصوتٍ مُخيفٍ، وكأنَّهُ يُحاولُ أنْ يُحذّرَنا من شيءٍ ما.

الغرفةُ المظلمة

دخلتُ غرفتي وأغلقتُ البابَ بالمفتاحِ، شعورٌ بالوحدةِ والخوفِ يملأُ قلبي. بعدَ لحظاتٍ، انقطعَ النورُ فجأةً، وعمَّ الظلامُ الدامسُ المكانَ. شعرتُ بأقدامٍ تقتربُ من غرفتي، خوفٌ هائلٌ يملأُ كياني، لم أستطعْ التحركَ أوْ التكلمَ.

الضوءُ والورقةُ الخضراء

مددتُ يدي بارتجافٍ نحوَ درجِ الطاولةِ، حيثُ تُوجدُ شمعةٌ وعلبةُ كبريتٍ. أشعلتُ الشمعةَ، وفجأةً، بدا الضوءُ الخافتُ على ورقةٍ خضراءَ مُمددةٍ على الطاولةِ. اقتربتُ منها بفضولٍ ورُعبٍ، وفُوجئتُ بقراءةِ عنوانِها: "شهادةُ وفاةٍ". وفِي خانةِ المتوفي، قرأتُ اسمي...

 

 

النهايةُ المجهولة

انتهى كلُّ شيءٍ، أو هكذا ظننتُ. ماذا يعني هذا؟ هل أنا ميتٌ بالفعل؟ أم أنَّ هذا كلَّهُ مجردُ حلمٍ مُرعبٍ؟ لا أدري، لكنَّ ما أعرفهُ هو أنَّني لن أستطيعَ نسيانَ تلكَ الليلةِ المُظلمةِ، ليلةَ الملابسِ الفارغةِ، ليلةَ رعبٍ لا يُوصف.

الجريدة الرسمية